دعوا الناس أني سوف تنتهي مخافتي ... شياطين يرمى بالنحاس رجيما
وقال أبو عبيدة: النحاس: (وما سقط من شرار الصفر أو (من شرار (الحديد إذا طرق) أي ضرب بالمطرقة، وما قوله تعالى:(يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس) فقيل: هو الدخان. قال الفراء وأنشد قول الجعدي:
يضيء كضوء سراج السليط ... لم يجعل الله فيه نحاسا
قال الأزهري وهو قول جميع المفسرين وقيل: هو الدخان الذي لا لهب فيه. وقال أبو حنيفة رحمه الله: النحاس: الدخان الذي يعلو وتضعف حرارته ويخلص من اللهب. وقال ابن بزرج: يقولون: النحاس: الصفر نفسه وبالكسر دخانه. وغيره يقول: الدخان نحاس. والعجب من المصنف كيف أسقط معنى الدخان الذي فسرت به الآية. وحكى الجوهري ذلك. وانشد قول الجعدي.
وحكى الأزهري اتفاق المفسرين عليه فأن لم يكن سقط من النساخ فهو قصور عظيم) كلام تاج العروس.
إذن: أول ما عرف العرب معنى النحاس كان النار: وأما أنه يوافق لفظ اللاتين (أي الروم) فهذا واضح من مقابلة لغوي الغرب هذه الكلمة بسائر الكلم عند ذكرهم اللفظة وما يجانسها في سائر اللغات. فقد قالوا أن الرومية مأخوذة من الهندية العالية - وباللثوانية وفي الهندية الجرمنية وكلها تعني (النار).
ومن معاني اللفظة الرومية المذكورة ما يأتي: النار واللهب والحريق والبرق والصاعقة والمشعل والخشب المشتعل والطبخ (مصدر طبخ بمعنى شوى) والحرارة أو الضياء والنجم واللمعان وشدة الشوق والغرام والعشق والمعشوق.
ومن غريب ما في لغتنا أنك أن لفظت الرومية لفظاً يقارب لفظ الرومان الحاليين قلت:(إنيس) بكسر الأول والثاني. وهو يقارب قولنا (الأنيس) ككريم ومعناه أيضاً النار. وقد أنثها بعضهم بالهاء فقال: الأنيسة وهي كالأنيس بالمعنى أي النار.