ثعلب. ومثله في الأساس، وفي التهذيب: هنيدة مائة من الإبل معرفة لا تنصرف ولا تدخلها الألف واللام ولا تجمع ولا واحد لها من جنسها. قال أبو ذخرة:
(فيهم) جياد وأخطار مؤبلة ... من هند هند وازدياد على الهند
انتهى كلام التاج، وقد أورد صاحب اللسان هذا البيت:
(فيهم) جياد وأخطار (مؤثلة) ... من هند هند (وإرباء) على الهند
قلنا: نستصوب من هذه الأقوال رأي أبي عبيدة وهو من أكبر اللغويين وأقدمهم وهو القائل هند: أسم لكل مائة من الإبل وغيرها. لأنه يوافق ما جاء من أمثالها في اللغات اليافثية منها الإنكليزية الصكصونية والأسلندية والدينمركية والدجية والجرمنية وكلها ناشئة من (أي هند) مكسوعة بالأحرف وما يضارعها. وما هند إلا اللاتينية والهندية الفصحى وأما الكاسعة فتتصل بالإنكليزية والقوطية ومعناها حسب. فيكون المعنى:(حساب مائة).
وأما هنيدة المصغرة في صيغتها وبنائها فيناسب أن يكون معناها (اسم لما دوين المائة فويقها) ويقابل كل المقابلة الكلمة الفرنسية فأنها تعني هذا المعنى بلا أدنى فرق. وليس في اللغات الأعجمية وما يفيد معنى الفرنسية والعربية (هنيدة) بمعنى ما دوين المائة وما فويقها) فأنت ترى من هذا أن لغتنا تعلو سائر اللغات بما دفن فيها من كنوز المعاني ودقائق المباني بحيث أنك لا تجد ما يضارعها في سائر اللغات مهما بلغت من درجة سامية في الرقي.
٣ - النار والنحاس والوري
النار هي نتاج احتراق بعض المواد فتولد حرارة ونوراً معاً واسمها العربي أشهر من أن يذكر. ومنه المثل كنار على علم. وهي بالارمية (نورا) ومادة اللفظ تكاد تكون واحدة لأن أحرف العلة لا تعتبر في علم مقابلة اللغات فالنار إذن سامية.
إلا أن في لغتنا كلماً عديدة تعني النار ومن جملتها (النحاس) التي نقلها عنا غير الساميين بصورة التي هي كلمة رومية (لاتينية). وقبل أن ننقل ما يجانس اللاتينية من ألفاظ سائر اللغات نورد هنا ما قاله اللغويون عن