للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك موجباً لنظمه، وموجباً للتقرب به، والسبب أحق بالتفضيل من المسبب، لان الفعل محمول على سببه ومضاف إليه وعيال عليه ومضمن (مضمون) به وإحساني مد الله في عمرك في كتابي هذا - أن كنت محسناً - صغير في جنب إحسانك، إذ كنت المثير له من مراقبة. والباعث له من مراقده. فلذلك صار أوفر النصيبين لك، وامتن السببين مضافا إليك. وان كنت قد قصرت عن الغاية فأنا المضايع دونك. وان كنت قد بلغتها ففضلك (ففضلك) اظهر وحظك أوفر، لأني لم انشط له إلا بك، ولا اعتمد فيه إلا عليك.

ولولا سوقك التي لا ينفق فيها إلا إقامة السنة، وإماتة البدعة ودفع الظلامة والنظر في صلاح الأمة لكانت هذه السلعة بائرة وهذا الجلب مدفوعاً وهذا العلق خسيساً فالحمد لله الذي عمر الدنيا بك واخذ لمظلومها على يديك وأريد هذا الملك بيمينك وصدق فراسة الإمام فيك وأية منزلة ارفع حالة احمد ممن ليس على ظهرها إلا وهو يحس (يحن) إليه أو قد رحل إليه أو قد صار إلى كنفه وتحت جناحه. وليس على ظهرها ظالم إلا وهو بنفيه (يتقيه) ولا مظلوم إلا وهو يساعديه ومن يقف على ثواب من هذا قدره وهذه حاله؟ وعندي مد الله في عمرك كتب سوى هذا الكتاب، وليس يمنعني أمن (من) أن اهديها إليك معاً، ألا ما اعرف من كثرة شغلك، وكثرة ما يلزمك من التدبير في ليلك ونهارك.

والعلم، وان كان حياة العقل كما أن العقل حياة الروح والروح حياة البدن فان حكمه حكم الماء، وجميع الغذاء الذي إذا فضل عن مقدار الحاجة عاد ذلك ضرراً. وإنما يسوغ الشراب ويستمرئ الطعام. الأول فالأول، فكذلك العلم يجير مجراه ويذهب مذهبه. ومن شأن النفوس الملالة لما طال عليها وكثر عندها. فليس لنا أن نكون من الأعوان على ذلك ومن الجاهلين بما عليه طبائع البشر، فان أقواهم ضعيف، وأنشطهم شؤوم (سؤوم) وان كانت خلاتهم (خلاتهم) متفاوتة، فان الضغف لهم شامل، وعليهم غالب.

فإذا قرئ عليك، أيدك الله هذا الكتاب التمسا أوقات الحمام (الجمام) وساعات الفراغ بقدر ما يمكن من ذلك ونتهيأ (ويتهيأ) والله الموفق والمهيأ له. ثم اتبعها كل كتاب بما يليه أن شاء الله. وليست بحمد الله من باب الظفرة

<<  <  ج: ص:  >  >>