للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قد وردت عنهم أيضاً أشياء آخر ليست بأقل غرابة مما ذكرنا وذلك كتصويرهم لفظ (الهوينا) بالألف القائمة بينما كان حقها أن ترسم بالألف الجالسة على ما هو القياس. فهل استوضحتم علة مخالفة تصوير الهوينا بالياء؟ أو ليس أن ما ظهر ثبوت القياس فيه أن في الوضع وان في الرسم حقيق بان ينزل على حكمه وان لم يطرد في المنقول ولا ينتظم في

نسق ما تناهي إلينا من الرسوم؟ وإلا لم يبق للقياس معنى. بلى أن لبعض القواعد شذوذاً مصرحاً بها ومصطلحات شائعة لم يكن بد من مشايعة سننهم فيها للتميز بين حال وحال فيرتفع به اللبس والأشكال، لكن ما لم يرد تصريح بشذوذه فلا يشذ وكذا القول في حصر قواعد الاصطلاح أو مالا يستقيم تعليله سديداً. إذن أليس من مقتضاه أن يوسم بميسم الخطل والتحريف اللذين هما للنسخ والنقل اظهر أليف وحليف؟.

ج - يحق علي قبل جوابي أن اشكر للأب الجليل صاحب لغة العرب ثقته بي وتوجيهه بالسؤال ألي وأنا في بلد ليس فيه معي من الكتب المسهلة للتحقيق سوى مجلدين من شرح ابن أبي الحديد والمنجد الذي لا ينجد. وهذا لا يمنع من الاستضاءة بالعقل ولا من الاستنجاد بالحق والجواب الذي أجيبه يشتمل على أمور:

١ - أم كان السؤال عن وجود صيغة (تفاني) فما اسهل الإجابة عنه بان (تفاني) من الأفعال الواردة المشهورة فقد قيل: (تفانيا) أي أفنى أحدهما الآخر. و (تفانوا) بمعنى أفنى بعضهم بعضاً واحفظ قول زهير: (تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم) ونقل ابن أبي الحديد في (٢: ٢٨٦) من شرحه قول شيخ من حضرموت شهد مع علي (ع) صفين (فتجالدوا بالسيوف وعمد الحديد لا يسمع إلا ضرب الهامات كوقع المطارق على السنادين ومرت الصلوات كلهم فلم يصل أحد إلا تكبيراً عند مواقيت الصلاة حتى تفانوا) أي اهلك بعضهم بعضاً، فهذا جواب وجه اوجه السؤال.

٢ - أن كانت المسألة عن وجود (تفاني) بمعنى (تهالك) كأن يقال: (تفاني فلان في عمله) فالجواب عنها عندي إنكار هذا التعبير لان التفاني يستلزم متضادين فاكثر وقد يصح التفاني في الإنسان الواحد إذا أصابه مرض فالجراثيم

<<  <  ج: ص:  >  >>