للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فالمكروبات) فيه يفني بعضها بعضاً فيقال (تفاني فلان) أي تفانت الجراثيم (المكاريب) فيه. وهذا خارج عن المراد.

٣ - أن احتجاج السائل بتعاطي وتحاشى وتوارى لا وجه له لان تعاطى مطاوع (عاطاه). وتحاشى مطاوع (حاشاه). وتوارى مطاوع (واراه)، فعلى هذا يكون (تفاني) المزعوم مطاوعاً ل (أفناه) ولا أحسه وارداً لان (فاعله) بمعنى (افعله) أو (فعله تفعيلا) شاذ ولان (فاعله) وجهه أن يكون لأحد المتفاعلين لفظاً أو معنى، ولم يصب اللغويون في عدهم (المفاعلة) كالتفاعل لان التفاعل يقتضي التشارك ولا تقتضيه المفاعلة ويدل على ذلك

قولك: (ظاهرته فلم يظاهرني) وقول الشاعر:

فلأياً قصرت الطرف عنهم بجسرة ... أمون إذا (واكلتها لا تواكل)

وان (تفاني) لو عد مطاوعاً ل (فاناه) المنكر ما جازت عليه المطاوعة لأنه لا يقبل اثر الفعل كما لا يجوز أن يقال (انقتل) مطاعاً ل (قتله).

أجل يجوز (فاناه) بمعنى حمله على التفاني بينهما.

٤ - أن تمثيله ب (تعمي) ليس بالوجه لأنه بمعنى اظهر العمى. وليس به فهذه الصيغة من صيغ الرياء، وتعلقه بها تنبيه على أرادته (تفاني) بمعنى (تماوت) وهو مخالف لتعاطي وأشباهه فاختلاف الأمثال يدل على اضطراب الحال في هذا السؤال.

٥ - أن الحاجة لا تدعونا إلى صوغ (تفاني) بالمعنى الذي يريده السائل على ما استبان لي وشرط الاشتقاق الاحتياج إليه وبهذا يسقط كل ما جاء به السائل من شبهات الحجج ومدخول الأدلة.

٦ - قرأت في خزانة الأدب أن (تفاعل) يأتي للمبالغة كتباعد وإذ علمت انه مطاوع ل (باعده) كتقارب مطاوع (قاربه) وان فاعله) لغير أحد المتشاركين شاذ لم يبق محل لحلول المبالغة في (تفاني) المعلق وجوده بوجود (فاناه) بمعنى (أفناه) لان الفناء لا مبالغة فيه على الحقيقة.

٧ - لا ننكر أن (تفاعل) قد ورد لمعان كثيرة إلا أنها نادرة مثل (تعاظمته وتدارسته) و (تهالك وتطال) و (تطاير وتناثر) ولكن القياس كما قلنا

<<  <  ج: ص:  >  >>