للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يرى من هذا المثال أن هذا الكتاب جليل القدر لا يعادله سفر آخر من مصنفات الأقدمين، لأنه يزيح لنا الستار عن أهم مسألة حامت حولها الأفكار، هي مسألة حضارة الأقدمين من السلف الناطق بالضاد.

فان كثيرين من أبناء الغرب، ولا سيما المتعصبون منهم، ينكرون على أبناء عدنان وقحطان أية حضارة كانت. فوجود تلك القصور الشاهقة، ذات الطباق المتعددة، وانيثاثها في ديار مختلفة من ربوع اليمن، تدل دلالة واضحة على أن أجدادنا بلغوا في عهد الجاهلية، مبلغاً بعيداً في التمدن إذ زينوا تلك المحافد بالصور والتماثيل والنقوش وفاخر النجاد والرياش والفراش ما يجاري نظائرها عند أبناء هذا العصر المدعي بمدنية لم تقايسها مدنية سابقة. فهذا الكتاب الزاري بنفائس القلائد وفرائد الدرر واللآلئ يستحق كل

تعظيم ويحق إن يفاخر به كل عربي ويذخره عنده ليطالع فيه ويفاخر بمحتوياته ويقف عليه كل شعوبي أو عربي يحتقر العرب أو يهينهم أو يتعدى عليهم.

وقد شرعنا في طبعه وهو يقع في نحو ٥٥٠ صفحة من هذا القطع وهذا النموذج. وقد فتحنا باباً للاشتراك فيه وجعلنا قيمته قبل الفراغ من طبعه نصف جنيه مصري أو سبع ربيات (وفي الخارج يضاف إليه أجرة البريد) وبعد الفراغ من طبعه يكون ثمنه ثلاثة أرباع الجنيه المصري أو عشر ربيات ونصفاً.

ولا حاجة لنا إلى القول أن هذا السفر البديع يزين بعدة فهارس تضاف إليه مع معجم تحل فيه غوامض الألفاظ الغريبة التي وردت في تضاعيفه، مما تفرد بها هذا الديوان دون غيره ويزيد ثروتنا اللغوية لا سيما المصطلحات الخاصة بالبناء.

ومن أعجب هذه المصطلحات ما لا وجه لاشتقاقه في لغتنا العدنانية، فيظهر أن أهل اليمن تناقلوها عن أجدادهم منذ أقدم العهد واحتفظوا بها. إذ لم نجد له مقابلا في اللغة المضرية. وكل ذلك يشهد إن هذا الجزء من الإكليل من أفخر ما جاء في لساننا ولهذا يبقى بيدنا أحسن ذخر من السلف، فعسى أن نقدر قدره ونباهي به الأمم الغربية.

<<  <  ج: ص:  >  >>