مسموع من العرب لكنه قياس ما نقل عنهم). وقال الفيومي في (خ ل ف) من مصباحه: (وخدم السماع يقتضي عدم الاطراد مع وجود القياس).
وقد ألفنا بين هذه الأقوال إثباتاً لأن نعد كل مقيس فصيحاً. فاستعماله جائز لا مطعن فيه ولا مغمز، ولا عيب على غير المتبحرين الراسخين في العربية إذا لم يحفظ الشواذ، وجروا على القياس اللاحب. ومن كثرة إباحة العلماء: التساهل في العربية أنهم لم يخطئوا من تكلم بلغة من لغات العرب، ففي (١: ١٥٣) من المزهر: (قال ابن جني في الخصائص: اللغات على اختلافها كلها حجة ألا ترى أن لغة الحجاز في أعمال (ما) ولغة تميم في تركه كل منهما يقبله القياس فليس لك أن ترد إحدى اللغتين بصاحبتها لأنها ليست أحق بذلك من الأخرى؛ لمن غاية ما لك في ذلك أن تتخير إحداهما فتقويها على أختها وتعتقد أن أقوى القياسين أقبل لها واشد نسباً بها) ثم قال:(فان الناطق على قياس لغة من لغات العرب، مصيب غير مخطئ، لكنه مخطئ لا جود اللغتين). وفي هذه الصفحة:(قال أبو حيان في شرح التسهيل: كل ما كان لغة لقبيلة قيس عليه). وإذا لاحظ الإنسان تصرف العرب في لغتهم، تعجب من تلك الأذواق المتوثبة، والطباع المترقرقة. روى الفيومي في مادة ك ت ب من مصباخه ما عبارته:(قال أبو عمرو: سمعت إعرابياً يمانياً يقول: فلان لغوب، جاءته كتابي فاحتقرها. فقلت: أتقول: جاءته كتابي؟ فقال أليس بصحيفة؟ قلت: ما اللغوب؟ قال: الأحمق) ومثل هذا كثير، وأرى من إصلاح العربية:
٥ - ترك تعليل الإعراب في النحويات
نريد بذلك أن يعلل رفع الفاعل، ونائبه ونصب المفعول، وللتمييز مثلا، فان ذلك لا تعليل له على الحقيقة وكل ما جيء به تكلفات وتفيهقات تدل على أن القوم رغبوا في إضاعة أعمارهم، وجهد أذهانهم، بلا جدوى ولا طائل. فالفاعل مثلا سمع مرفوعاً والمفعول سمع منصوباً فأي علة لشيء حصل قبل العلة وأي سبب لشيء كان قبل السبب؟ قال ابن خلكان في (١: ١٤٣) عن وفياته في ترجمة أبي علي الفارسي: (ويحكى أنه كان يوماً في ميدان شيراز يساو عضد الدولة فقال له: لم انصب المستثنى في قولانا: قم أقوم إلاَّ زيداً؟ فقال الشيخ: بفعل مقدر، فقال: كيف تقديره؟ فقال: نستثني زيداً، فقال له