للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عضد الدولة: هلا

رفعته وقدرت الفعل، امتنع زيد! فانقطع الشيخ) فهذه الحكاية تؤيد دعوانا أن تعليلهم الأعراب تكلف محض واختلاق صرف، والاشتغال بمثل هذه الأمور معسر لفهم القواعد العربية زيادة على إفساده القاعدة، ومن ذلك أنهم زعموا أن كل منادى منصوب، وقدروا له فعلا ناصباً هو (أدعو) أو جعلوا أحرف النداء بمكان (أدعو) فيقولون في: (يا الله) مبني على الضم في محل نصب، وفي (يا عليون) مبني على الواو في محل نصب؛ وما ندري كيف تكون علامة الرفع بمكان البناء والنصب، وما فائدة نصبك اسماً بالتقدير والتصور وأنت تراه وتسمعه وتلفظه مرفوعاً؟ فذلك جهل مركب، والحقيقة إن المنادى ورد عن العرب بنوعين نوع منصوب، ونوع مرفوع، كالمستثنى بالا فمنه المرفوع أيضاً، وان جاء منه المنصوب. فالمنادى المنصوب (١) المضاف نحو يا خالق العالم (٢) والتشبيه به مثل يا خالقاً كل البشر (٣) والنكرة غير المقصودة نحو يا حاكما انصف، والمنادى المرفوع (١) العلم غير المركب مثل يا علي ويا عليان ويا عليون (٢) والنكرة المقصودة نحو يا رجل ويا رجلان ويا مؤمنون (٣) وحرف النداء هو أيها أو أيتها أو اسم الإشارة مثل يا أيها النبي، ويا أيتها النفس المطمئنة. ويا هذا الإنسان؛ ويبقى أن العلم غير المركب يبنى لحذف تنوينه أم تكون الضمة علامة رفع؟ والأول أن تكون الضمة علامة رفع ويعد حذف التنوين من هذا المنادى شيئاً مسموعاً ولا فائدة في تغييره أبداً.

بسطنا هذا الإيضاح لبيان أن تعليل الأعراب قد يجر المعلل إلى ما لا تحمد مغبته، ولا تقبل، ولا يصح نتاجه. أضف هذا إلى إن أقل اعتراض على المعلل، يربكه، ويورطه في ورطة كبيرة فلا ينجو منها؛ ونرى أن من إصلاح العربية.

٦ - تمهيد أسلوب تدريسها والتأليف بها

عددنا هذا التمهيد إصلاحاً لأن التدريس في كل علم يجب أن يسير على سنة التدرج في الارتقاء، فإذا تعلم الطالب بطريقة وعرة أو وعثة، مل العلم، واستصعبه، ويئس من إدراكه، وأول ظلام الخسران، اليأس، والمعلم الذي يعلم تلميذه بأسلوب شكس يكون كمن يحمل الطفل الحابي على العدو، والجري، فتنقطع به الأسباب، لأنه طلب المحال،

وإدراك المحال لا ينال.

<<  <  ج: ص:  >  >>