تنتهي بوفاة والده في سنة ١١٨٣هـ (١٧٦٩م). ولم نتمكن من العثور على تاريخ ولادته. ولكن المقطوع به أنه نشأ في بغداد. وان حياته الحقيقية - حسبما وصلت إلينا - ابتدأت بالظهور من سنة ١١٧٢هـ (١٧٥٨م) على ما في تاريخ الوقفية التي حضر في تسجيلها،
ولعل لحل هذه المشكلة يبين من الاستدلال ببعض الحوادث من باب التقريب. وذلك أن المترجم كان أطلق سراح لحيته في سنة ١١٧٥هـ، كما يستفاد من قصيدة للشيخ احمد السويدي، وفي هذا الحين يحتمل أن يكون عمره بين خمس وثلاثين سنة وبين الأربعين، فلا يبعد أن تكون ولادته في العقد الرابع بعد المائة والألف الهجري (أي بعد ١١٤٠ سنة). وهذا جل ما كان الوقوف عليه. والمشهور عند أفراد أسرته أنه عمر نحو المائة والعشرين سنة. وهذا لا يعول عليه إلاَّ أن يكون قرأ على كبر لأن شيخه ولد سنة ١١٣٤هـ، فلم نجد ما يؤيد هذا القول.
ومعلوم أن أكبر أيام الرجل وأهمها، ما قام به، أو عهد إليه من الأعمال، وما ترتب عليها من الحوادث، والشؤون التي تركت دوياً في المجتمع، وهذه هي الحياء الحقيقية، وهي المحك لمعرفة موطنه بالنظر إلى مجريات العصر.
والمحفوظ عن أفراد أسرته، أنه من صغره أبدى بعض النباهة، وسرعة البديهة مما يدل على انه يؤمل فيه النبوغ.
وغاية ما يعرف عن حياته الأولى في صغره، أنها كادت تكو بدوية، إلاَّ أنني أقول هنا: إننا لم تعتد أن ندون أحوال رجالنا في الغالب؛ ولذا لا غرابة أن لا نسجل أعمالهم اليومية، وغرائب صغرهم، حتى بعد نبوغهم، وظهورهم كأعاظم. فبقيت هذه الأمور مهملة، إلاَّ ما يذكر إجمالا، أو أن نقله وتدوينه في بطون الدفاتر يؤثر في إحساس الغير.
ودرس العلم على أشهر علماء العرب في ذلك الحين، وعلى الأخص تلقى علمه من الشيخ عبد الرحمن أفندي السويدي. وأهم من كل ذلك نباهته، واكبابه على التحصيل، حتى صار يعد من العلماء، وينعت بالعالم العامل، والبحر الخضم.