إذا ما ثبت لهم انهم أفشوا أسراراً من تلك النحلة، لأنهم يجددون هذا القصد كلما اجتمعوا.
(وقبل نحو ست سنين ذهب شابان إلى حلب الشهباء فعمدها أسقف الأرمن الكاثوليك، بعد أن أنكرا ضلاتهما، لكنهما لم يشاءا أن يفشيا شيئاً من أسرار فرقتهما، مع أن النصارى ألحوا عليهما أن يذكرا شيء منها، أو أن يكشفا شيئاً مما يجري في محافل الفرقة من الشنائع والأعمال الخبيثة للأسباب التي ذكرناها.
(وفي رحلتي إلى ديار بكر عرفت شمسياً كان تاجراً غنياً وبينما كنا منحدرين إلى بغداد، كان يسمي نفسه يوسف في القافلة. واسم يوسف شائع بين النصارى والمسلمين واليهود، وكان يعتم عمة لا ينكرها أصحاب دين من الأديان؛ وكل ذلك لكي يزيد تنكره، ولهذا كان أبناء كل دين يعتقد انه على دين من الأديان، فلم أتمكن من أن أتبين دينه واحكم عليه من النظر إلى أعماله أو ثيابه أو كلامه؛ إذ ما كنت أرى فيه ما يحملني على انه يدين بدين من
الأديان. لأنه ما كان يظهر عملا دينياً يفشي لي ذلك، فكان يعيش كمن غير مربوط برابط من النحل المعروفة، أو يعيش كمن لا دين له. وكان يتكلم كلاماً لا يدل على شيء من الدين وقد قيل لي انه شمسي. فأردت أن أتثبت من الأمر بنفسي، فسألت شاباً مسلماً كان يخدمه عن دين مولاه، فقال لي: إن صاحبي مسلم حنيف مثلي. - وقد قال الخادم ما قال، أما خجلا من أن يبوح لي بحقيقة دين سيده؛ وأما لأنه كان يجهل حقيقة معتقد ذلك الرجل المحفوف بالغوامض والخفايا. أما أجوبة سائر خدمه فكانت أن دين مخدومهم الشمسية. واتفق لي أني رأيت ذات يوم هذا التاجر فرحاً وكان بجانبي؛ فأخذت أجاذبه أطراف كلام مبهم، وبعد أن مضى على حديثنا زمن، تجاسرت وسألته: أأنت نصراني؟ - فقال لي بصوت خافت: نعم. - ولما ألححت عليه أن يذكر لي اسم المذهب الذي ينتمي إليه، غير الكلام للحال ولم يرد أن يزيدني إيضاحاً. وهذا ما دعاني إلى إثبات ما قيل لي عنه أي انه كان شمسياً. - هذا عدا ما كنت أرى اغلب المسلمين ينعتونه بالكافر في كل مرة أرادوا أن يذكروه. وهذا النعت يلصقونه أيضاً بكل نصراني