للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن الأمتين كانتا أمة واحدة يتكلمون لساناً واحداً معرباً؛ فتحضر الحمورابيون وظل العرب بادية؛ ومنهم العمالقة فلما تمدن الحمورابيون واركنوا إلى الرخاء ذهب الإعراب من لسانهم وبقي في كتاباتهم المنقوشة. كما أصاب العرب بعد قيام دولتهم وتقييد لغتهم؛ فنشأ من بقايا البابليين أمة لغتها غير معربة هم السريان والكلدان؛ كما نشأ من العرب أقوام لا يعربون كلامهم وهم عامة الشام ومصر وغيرهما من بلاد العرب، وكان أجدادهم في البادية يعربونه.

فنحن نود للمؤلف أن يسير في ما يكتبه لأن (من سلك الجدد أمن العثار)

ومن آرائه التي ننسبها إلى التهور قوله أن اللغة العربية (هي على الأجمال أغنى آداب سائر لغات العالم) فقوله هذا يحملنا على أن نظن في أنه أراد بالآداب غير ما اصطلح عليه في صدر كتابه. لكن تلو كلامه ينفي عن ذهن القارئ معنى آخر؛ لأنه يقول بعد ذلك: (لأن الذين وضعوا آدابها في أثناء التمدن الإسلامي أخلاط من أمم شتى جمعهم الإسلام أو الدولة

الإسلامية وفيهم العربي والفارسي والتركي. . . وكلهم تعربوا ونظموا الشعر العربي وألفوا الكتب العربية في الأدب والنحو. . . فاحتوت آداب اللغة العربية بسبب ذلك على احاسن القرائح وشتات الأخلاق والآداب والصنائع؛ وادخلوا فيها كثيراً من أساليب ألسنتهم الأصلية بدون قصد أو تعمل.)

والذي نراه انهم ادخلوا بعض الألفاظ وبعض الاصطلاحات التي لا تند كثيراً عن مناحي العرب وأصولهم، ولهذا لا نجسر أن نقول: إن العربية على وجه الأجمال أغنى آداب سائر لغات العالم. فاللغات السنسكريتية واليونانية والرومانية من اللغات التي اتسعت أكنافها، وجمعت في أحضانها من الأبناء ما لا ينكر عددهم واختلاف منشآهم ومنبتهم وعنصرهم. وأبقت من الآثار الأدبية شيء كثار لا يخطر على بال العربية أن تعارض نفسها بهن. ولا افهم كيف خفي هذا الأمر على حضرة الكاتب العلامة.

ومن أوهامه أنه جعل الكهانة والعرافة والقيافة والفراسة وتعبير الرؤيا

<<  <  ج: ص:  >  >>