للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزجر الطير وخط الرمل وغيرها (ص ١٨٧ - ١٩٠) من العلوم التي اصطلح عليها العلماء باسم (ما وراء الطبيعة)، وليس الأمر كذلك. لأن هذه العلوم التي عدها، تعرف باسم العلوم الخفية أو السرية وأما علوم ما وراء الطبيعة فأنها تشمل عالم النفس وعلم سنن العالم وضوابطه وعلم اللاهوت أو علم الكلام؛ وعليه فخروجه عن مصطلح القوم ليس مما يمدح عليه.

ومن أوهامه أن الأعشى أعشى قيس كان نصرانياً (ص ٣٢). وقد أثبتنا في السنة الأولى (ص ٣٥٤ - ٣٥٦) من هذه المجلة أن الشاعر المذكور لم يكن نصرانياً البتة، وإنما كان في آرائه شيء من النصرانية، أخذه من نصارى الحيرة لتردده اليهم، لكنه لم يتنصر، بل بقي على دين دهماء العرب أي الوثنية، فاخذ بعض آراء دين من الأديان شيء، والتدين بدين شيء آخر.

ومما يعد في هذا الباب كلامه عن النساء في الجاهلية، فأنه ذكر بعض من اشتهرن بخصال ومناقب ومحامد. ثم أطلق تلك المحاسن على جميع نساء الجاهلية فلا نرى ذلك من الأنصاف. فكان يحسن بالمؤلف أن يقيد كلامه لا أن يطلقه؛ أي أنه لو كان يقول مثلاً أن كثيراً من نساء الجاهلية كن يخيرن قبيل الزواج. لكان التعبير خالياً من كل غبار. لكن قوله: (على أن الغالب في نساء الجاهلية أن يخيرن قبيل الزواج) من الكلام الذي يخالف

حقيقة الحال.

ومن غريب ما ذكره قوله (ص ٣٤): وكان في الجاهلية خطيبات اشتهرت منهن هند بنت الخس وهي الزرقاء (كذا) وجمعه بنت حابس. ولا ندري عمن نقل هذا الكلام والأصح أن بنت الخس هي غير الزرقاء قال في تاج العروس في مادة خ س س: (الخس) بالضم (وهو) الخس بن حابس: رجل من أياد معروف وهو أبو هند بنت الخس الايادية التي جاءت عنها الأمثال وكانت معروفة بالفصاحة، نقله ابن دريد. وفي نوادر ابن الأعرابي يقال فيه خسس وخص، بالسين والصاد، وهو خس بن حابس بن قريط الأيادي. وقال أبو محمد الأسود:

<<  <  ج: ص:  >  >>