للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لبناء منازلهم. فالنسبة بين كل ذلك وبين ما نحتاج إليه من لوازم هذا الزمن الضرورية تكون زهيدة جداً. ولا يمكن للمرء أن يفكر ملياً في أسلوب البابليين في سقي حقولهم، أو في كيفية قيامهم بحروبهم التافهة. بالنسبة إلى ما شاهدناه في هذه الأيام، أيام الحرب العظمى، ولكن إذا راجعنا بعض

المعلومات المختصة بحياة الأقدمين اليومية ومشاكلهم، يزداد حبنا للاطلاع على مدنهم المنقرضة. فأتوقع أن ما يأتي في هذا التأليف الصغير المجمل للحقائق التاريخية، يفيد بعض الفائدة كثيرين من أولئك الذين لا يساعدهم وقتهم على المطالعة.

اللبن وتزيينه

إن ارض العراق الأدنى الممتدة من بغداد إلى البحر سهل عظيم متقوم من التربة الغريلية التي يأتي بها الرافدان الكبيران، وانك لا ترى تلا ولا صخراً في هذا المنبسط الفسيح. ولعدم وجود الحجر في هذه الديار، اضطر المعمار في كل عصر، حتى في هذا الزمن، أن يعتمد على اللبن ليشيد الجدران، وأما السقوف فيتخذها من أغصان الشجر والحصير والتراب، وييبس اللبن الخشن الصنعة في حرارة القيظ بسرعة. ويتصلب تصلباً كافياً. وكان الأقدمون يشيدون معظم بيوتهم وقصورهم ومساجدهم وزقوراتهم (مفاتيلهم) بهذه المادة. وكانوا يجعلون الآجر في الأغلب على وجوه الجدران المتخذة من اللبن وذلك لتكون اثبت، وقد عثر على أخربة الاتاتين في إثناء الحفريات. ولا شك في أن أصحاب دانيال الثلاثة شدراخ وميشاخ وعبد نغو القوا في أتون من تلك الأتانين (دانيال الفصل الثالث الآية ٢٠).

وكان لحب الطرز تأثير في شكل الآجر، كما انه يؤثر في سائر الأشياء. وهذه الحقيقة هي العون الأكبر لمستكشفي الآثار القديمة في تفسير مشكلات التاريخ القديم. وعم الاعتقاد إلى هذا الحين أن صانعي الآجر الأقدمين في العراق رجحوا طرز الآجر المسمى (المسطح المقبب) على سواه ويعمل ذلك في ملبن مستطيل من خشب يملأ صلصالاً معجوناً ويصقل ما يبرز منه بعض الصقل. ولكن الحفريات الحديثة دلت على ما يرجح الظن أن في الأيام السالفة نفسها كان يصنع الآجر الثخين القائم الزوايا.

<<  <  ج: ص:  >  >>