للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقبل أن ننتقد رأيه في هذه المسألة نقول: إنه ختم تعبيره بخلاف ما يريد، لأنه أراد أن يبين الفرق بين سجع وسجع، وأراد أن يشبه سجع الكهان بالثرى وسجع القرآن بالثريا،

فعكس التشبيه وقال كالفرق بين الثريا والثرى. فكان يجب أن يعكس ويقول (بين الثرى والثريا.) لأن الثريا في كلامه راجعة إلى المشبه الأول وهو سجع الكهان، والثرى راجعة إلى المشبه الأخير وهو القرآن فجاء كلامه بخلاف مرامه.

وإذ قد بينا ذلك نقول: إن التغيير وقع في كلام الكهان اكثر مما وقع في غيره لأسباب: ١ - لأن كلام الكهان ليس من الأحاديث ولا من الأقوال الجارية مجرى الأمثال، حتى يحرص عليها وعلى الصورة التي جاءت بها. ٢ - لأن كلامهم غير موزون. فكيف بهذا السجع، سجع الكهان وكيف تظن أنه لم تحل به الغبر، وقد غير الرواة من نظم الشعراء شيئاً لا يقدر. ٣ - لأن سجع الكهان دون في القرن الثالث من الهجرة، بخلاف الأحاديث وأشعار الجاهلية فأنها دونت قبله. ٤ - لأن لرواة العرب وكتابهم في صدر الإسلام غاية في تحقير سجع الكهان، ونسبته إلى الركاكة، وإبرازه بحلة زرية. ٥ - لأن طول بعض هذه المسجعات يحول دون حفظها بحروفها. إلى غير ذلك من العلل والأسباب التي يضيق المقام دون استيعابها.

وذكر في (ص ٢١٠ إلى ٢١٣) حالة الشرق العلمية عند الفتح الإسلامي فذكر آداب الروم في مصر والشام، ثم آداب مملكة الفرس ومدارس جميع هذه البلاد، ولم يتعرض لذكر مدارس الرها ونصيبين، وقد زل هنا الكاتب زلة لا تغتفر، إلا بعد أن يتعرض لها في طبعة كتابه الثانية، وقد وضع لهذا البحث رسائل وكتب عديدة، ومن جملتها تأليف السيد أدي شير، رئيس أساقفة سعرد على الكلدان، واسمه: (مدرسة نصيبين الشهيرة) طبع في المطبعة الكاثوليكية للآباء اليسوعيين في بيروت سنة ١٩٠٥ وهو كتاب في ٦٣ صفحة في غاية النفاسة.

وقال في صفحة ٢١٣: (ولم يبلغ العرب من العز والسؤدد ما بلغوا إليه في أيام هذه الدولة (الأموية)، ونحن نقضي كل العجب من هذا القول ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>