للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأدباء بديعاً أي مخترعاً بل منه البديع والمحاكى والمقصوص (٢) ليس كل أدب العربية مقصوراً على المعاني الرقيقة فمنه المعاني الخشنة كالهجو ووصف القتل والقتال والقصص الذي يسير بحسب حوادث

الكون وفيها ما فيها (٣) ليس كل الأدب يهذب النفس بل فيه ما يغويها ويعميها كالغزل بالغلمان والهجاء المقذع فيه والتملق والكذب المزوق (٤) لم يقصر الأدب على ترقيق الحس بل منه ما يخشنه لرداءة الخيال وفساد التعبير وتعويد السلق باللسان (٥) تثقيف اللسان لا يكون بالأدب كله ففيه اللغة الرديئة وعدد اللهجات والضرائر والتكلفات فأي لسان يتثقف من قول الشاعر على اللثغة:

تغفق فشغب الخمغ من كغم غيقتي ... يزيدك عند الشغب شكغاً على شكغ

(ترفق فشرب الخمر من كرم ريقتي ... يزيدك عند الشرب شكراً على شكر)

فهذا معدود من الأدب (٦) ليس كل الأدب قد أثرته الرواة عن أصحابه بل منه ما بقي مجهولا وفيه ما كتب كتابة أو نقش نقشاً على ما يمكن النقش عليه فتعريف تعتوره ستة توهينات غير حسن ولا مرضي.

فأدب اللغة (هو ما تركه شعراؤها وكتابها من الأقوال المشتملة على الخيال وتصوير المعاني والحوادث ومنه ما يهذب النفس ويرقق الحس ويربي الذوق ويقيم اللسان) وشرط التعريف أن يكون جامعاً لما يعرف به مانعاً للتوهينات عن نفسه.

وكيف ارتضى الأستاذ الزيات هذا التعريف وهو يقول في ص ١٨ (فكان الشعر ديوان علومهم وحكمهم وسجل وقائعهم وسيرهم وشاهد صوابهم وخطأهم ومادة حوارهم وسمرهم، وما هذه صفته فلا يجب فيه أن يهذب النفس ولا أن ويرقق الحس ولا أن يحوي المعاني الرقيقة ولا الأخيلة بل يجوز فيه ذلك والفرق بين الواجب والجائز ظاهر ثابت.

٤ - كتب تاريخ الأدب وأسلوب النظم والنثر

وقال في ص ٢ عن كتب القدماء المختصة بالتراجم والأدب (لأنها أخبار

<<  <  ج: ص:  >  >>