للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يطلعوا على حقيقة هذا التل منذ أزمنة كثيرة، فثبت الآن ثبوتاً جازماً انه بقايا الزقورة (أنر كدرمه) أي (دار العجب، أو المسكن الشهير) وهي الزقورة الراجعة إلى هيكل (إلبابا) اله الحرب وزوجته اشتر في كيش.

باشرت بعثة (اج ولد) (لأكسفورد) ومتحفة الميدان في شيكاغو كشف هذا الموقع الفسيح في آذار (مارس) سنة ١٩٢٣. فأنعمت النظر بكل دقة في الزقورة والهيكل المسمى (إمت ارسج) القائم على جانبها. وبان تاريخ البناءين سريعاً، ذلك التاريخ الطويل المتغير؛ لان الملوك الأقدمين كانوا إذا جددوا أبنية مقدسة يذكرون من عادتهم أعمال تقواهم على آجر البناء. ولا لوم عليهم بافتخارهم هذا. وعثر المستر (مكي) مدير البعثة (بعثة الميدان) على مثل هذا الرقيم المسماري الذي يبين أن (شمشويلونا) (٢٠٢٤ - ١٩٨٧ق. م) سابع ملوك بابل ومن سلالتها الأولى، رمم الهيكل والزقورة اللذين شيدهما سلفه (شمولا إلو) (٢١٥٦

- ٢١٢٢ق. م) كما نعلم أن (لحمرب) أيضاً. وهو سلف (شمشويلونا) السابق له، يداً في تعظيم الهيكل المذكور، ولكن مسحاة المنقب تدفعه إلى أن يمعن في التاريخ إلى زمن اقدم من هذا الزمن، إذ كشف جدار عظيم بعد عدة أقدام تحت ارض هيكل هؤلاء الملوك البابليين، فيقتضي انه كان قسماً من هيكل شمري سبق عهد بابل بزمن مديد.

ويظهر أن في سائر تاريخ كيش المديد المتلون، كان لعبادات هياكلها خشوع سرى إلى مدن هذه الديار جمعها. وفي التاريخ ما يدل على أن هناك ملوكا من سلالة كيش وسلالة إسن، وكان بعض ملوك آشورية نفسهم يقصدون إلى مدينة كيش وأختها (هرسجكالما) ويذبحون الذبائح في هياكلها. بيد انه نظهر أن الهياكل أضحت في ضيق شديد في أزمنة الحرب وحين غير النهر مجراه. ولما وصلت بابل إلى أوج مجدها في زمن نبو كدر اصر الثاني وأصبحت في أبان عظمتها تجددت هياكل كيش (وهرسجكالما) مرة ثانية، ومن ظريف المصادفة أن الرقيم المسماري المحفور في الآجر يثني على الملك لإعادة (إي سجيلا) هيكل الإله مردوك في بابل مناوئ إله كيش وهو احدث منه ولكن أتى هذا الاستهزاء من غير تعمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>