للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى آخره.) ومن ثم وصل الوزير المسعودي ولم يشأ أن يدخل بغداد حتى يقضي على بعض المناوئين، فعبر من ناحية (المنطقة) ومضى في عمله (دوحة الوزراء).

٣ - وصف الحالة السياسية وآل الشاوي:

قبل هذا كان النفوذ محصوراً في أيدي المماليك، (أي الكولات، ولا تزال محلة الكولات في بغداد معروفة باسمهم) لزيادة الحرص والطمع في السلطة، وفي جباية الأموال. ولم يقربوا من الآهلين إلا بقدر ما تدعو إليه الحاجة والضرورة وذلك في المدينة طبعاً لا في الخارج ولا في العشائر ولم يقدموهم للمناصب في آخر الأمر إلا لعجز بدا منهم وسوء تدبير، مما دعا إلى التدخل والاستعانة، ولذا نرى حالات الاضطراب والفتن الأخيرة أهابت إلى أن يقوى نفوذ آل الشاوي في الإدارة الداخلية عدا العشائرية التي كانت في أيديهم دون سواهم بحيث صار يخشى بطشهم ويرتاب في توسع سطوتهم أكابر الأمراء وأرباب السلطة، والشعر لسان حال الوضع وهو جريدة ذلك الزمن.

وفي كل هذا الحين، أي إلى زمن حكومة سليمان باشا، لم ير من آل الشاوي ما يعاكس سياسة الحكومة وسلوكها، وإنما يشاهد منهم النصح الصادق، وحسن التدبير، والمقدرة على الإدارة، ولكن الأجنبي يتخوف من ظله ويحترز من الوطنيين احترازاً يحسب له حساب، فحدثت الرقابة وصار يخشى من توسع أمر الشاويين، فكان سليمان بك يعد من أماثل القطر وأكابر رجاله، وكان ممن لا يقعقع له بالشنان.

أما سليمان باشا الوزير فإنه أراد أن يعيد إلى المماليك سطوتهم الأولى، ونفوذهم السابق، وحاول أن يقضي على كل نفوذ لغيره من عشائر أو من أشخاص ويحصر السلطة بأيدي المماليك ولكنه حاذر أن يبطش بسليمان بك الشاوي رأساً وبلا تمهيد مقدمات لما حاق به من الأخطار الآخر فأبدى له حباً جماً، وأظهر مودة زائدة، وأستخدمه في أهم الأعمال، كل هذا ليمحو به نفوذ الآهلين من جهة، ويقلل تدخلات الحكومة المركزية من جهة أخرى بسبب ما يظهر في المماليك من الضعف بين آونة وأخرى، ثم يرجع إليه بعد ذلك ويفرغ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>