للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سادوا حتى قال: وإن من هذه الأسباب مخاصمته المهردار ومصارحته له بالعداوة مع عزة المهردار عند الوزير.

إنَّ هذا الأمر بيت ليلاً، وكان كلما أشتد النزاع والنضال بين الاثنين، أبدى الوزير أنه سعى للتوفيق بينهما توصلا للغرض فكتم الأمر غاية الكتمان، ولما رأى أن الوقت قد حان لتحقيق منهاجه اضطر - ظاهراً - إلى أن يرجح جانب المهردار، وأشاع عن سليمان بك تصلبه وخشونته فأمر أن لا يبقى في بغداد، وأن يذهب إلى حيث يشاء.

وقد يكون أبن الخربنده هو الذي أوغر صدر الوزير، وبلغه تبليغات عنه، لينال المكانة،

ولكن الوضع كان بخلاف ذلك، والإشارات والقرائن تؤيد الرأي الأول، وقد وجه سليمان فائق بك اللائمة إلى الشاوي من جهة عدم مماشاته للوزير، وفسحه المجال لابن الخربنده والظاهر ما ذكرت أن سليمان فائق بك يريد أن يكون ذليلاً، فنسب إليه الخشونة، على أن الحكومة ليست معبودة لهذا الحد، والأخلاق السليمة تأبى الخضوع لكل امرئ، وإنما يخضع الإنسان للحق ولا يخشى إلا الله، وتعست الحكومة التي هذا شأنها ولم تقف عند حدها، وقد كلفت الوزير هذه الخط كلفة كان في غنى عنها، وحركت عليه ساكناً آخر، لان تقدم أبن الخربنده أسخط أهل القدم والخدمات للحكومة، فأوجد مزاحمين آخرين غير أبن الشاوي، وما ذلك إلا لان الوزير لم يرغب في أن يطلع على دخيلة سره غيره، فكان في الحقيقة هو الذي قتل أبن الخربنده.

٤ - خروج سليمان بك الشاوي من بغداد ووقائعه:

اضطر سليمان بك إلى أن يخرج من بغداد بأتباعه وحاشيته سنة ١٢٠٠ هـ فأقام في الجهة القصوى من هور عقرقوف، وتابعته قبيلة العبيد، والقبائل الأخر المقيمة في تلك الأنحاء، فالتفت حوله. وبالحقيقة أنَّ العشائر لا تعرف غيره، وحينئذ أراد المهردار أن يقضي عليه أو يقصيه، فحرك عليه الوزير، فاستعد المهردار للهجوم عليه بجيش مع بعض أمراء الكرد، فأطلع سليمان بك بواسطة عيونه على كثرة جيوش عدوه، فترك أثقاله وظعن إلى جهة الخابور، ولم يظهر

<<  <  ج: ص:  >  >>