للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالوا لابد من ذلك، فقلنا: هل لأحد أن يختار أحداً فيوليه بغير نظر في كتاب الله، وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالوا: لا يجوز ذلك إلا بالنظر. فسألناهم

جميعاً عن الإسلام الذي أمر الله به. فقالوا: إنه الشهادتان، والإقرار بما جاء من عند اله، والصلوة، والصوم، والحج بشرط الاستطاعة، والعمل بالقرآن يحل حلاله ويحرم حرامه. فقبلنا ذلك منهم لإجماعهم. ثم سألناهم جميعاً: هل لله خيرة من خلقه اصطفاهم واختارهم؟ فقالوا نعم: فقلنا: ما برهانكم؟ فقالوا: قوله تعالى: ربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة من أمرهم، فسألناهم من الخيرة؟ فقالوا: هم المتقون. قلنا ما برهانكم؟ قالوا: قوله تعالى. إن أكرمكم عند الله اتقاكم فقلنا هل لله خيرة من المتقين؟ قالوا نعم، المجاهدون، بدليل قوله تعالى: فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة فقلنا: هل لله خيرة من المجاهدين؟ قالوا جميعاً، نعم السابقون من المهاجرين إلى الجهاد. بدليل قوله تعالى: لا يستوي منكم من قبل الفتح وقاتل. الآية. فقبلنا ذلك منهم لإجماعهم عليه؛ وعلمنا أن خيرة الله من خلقه؛ المجاهدون السابقون إلى الجهاد. ثم قلنا: هل لله منهم خيرة؟ قالوا: نعم. قلنا: من هم؟ قالوا: أكثرهم عناء في الجهاد، وطعناً وضرباً وقتلا في سبيل الله، بدليل قوله تعالى: ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره. وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله. فقبلنا ذلك منهم، وعلمناه وعرفنا أن خيرة الخيرة أكثرهم في الجهاد عناء. وأبذلهم لنفسه في طاعة الله، واقتلهم لعدوه. فسألناهم عن هذين الرجلين: علي بن أبي طالب عليه السلام، وأبي بكر، أيهما كان اكثر عناء في الحرب، واحسن بلاء في سبيل الله؟ فاجمع الفريقان علي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، أنه كان اكثر طعناً، وضرباً، واشد قتالا وأذب عن ديك الله ورسوله.

فثبت بما ذكرناه من إجماع الفرقين، ودلالة الكتاب والسنة، أن علياً عليه السلام افضل. وسألناهم ثانياً عن خيرته من المتقين، فقالوا هم الخاشعون بدليل قوله تعالى: وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ من خشي الرحمن بالغيب. وقال تعالى: أعدت للمتقين الذين يخشون ربهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>