للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم سألناهم: من هم الخاشعون. قالوا: هم العلماء. لقوله تعالى: إنما يخشى الله من عباده العلماء. ثم سألناهم جميعاً: من اعلم الناس؟ قالوا أعلمهم بالقول وأهداهم إلى الحق وأحقهم أن يكون متبوعاً ولا يكون تابعاً، بدليل قوله تعالى: يحكم به ذوا عدل منكم. فجعل الحكومة إلى أهل العدل. فقبلنا ذلك منهم، ثم سألناهم عن اعلم الناس بالعدل من هو؟ قالوا: ادلهم عليه. قلنا: فمن أدل الناس عليه؟ قالوا أهداهم إلى الحق،

وأحقهم أن يكون متبوعاً، ولا يكون تابعاً، بدليل قوله تعالى: أفمن يهدي إلى الحق أن يتبع. الآية.

فدل كتاب الله وسنة نبييه عليه السلام، والإجماع أن افضل الأمة بعد نبييها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، لأنه إذا كان أكثرهم جهاداً، كان اتقاهم، وإذا كان اتقاهم كان أخشاهم، وإذا كان أخشاهم كان أعلمهم، وإذا كان أعلمهم، كان أدل على العدل، وإذا كان أدل على العدل، كان أهدى الأمة إلى الحق، وإذا كان أهدى، كان أولى أن يكون متبوعاً، وان يكون حاكما. لا تابعاً ولا محكوماً عليه.

وأجمعت الأمة بعد نبييها أنه خلف كتاب الله تعالى ذكره، وأمرهم بالرجوع إليه إذا نابهم أمر، وإلى سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - فيتدبرونهما ويستنبطون منهما ما يزول به الاشتباه. فإذا قرأ قارئهم: وربك يخلق ما يشاء ويختار. فيقال له أثبتها. ثم يقرأ أن أكرمكم عند الله اتقاكم، وفي قراءة ابن مسعود أن خيركم عند الله أتقاكم. ثم يقرأ وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ من خشي الرحمن بالغيب. فدلت هذه الآية على أن المتقين هم الخاشعون. ثم يقرأ حتى إذا بلغ إلى قوله تعالى: إنما يخشى الله من عباده العلماء، فيقال لم: اقرأ حتى ننظر، هل العلماء افضل من غيرهم أم لا؟ حتى إذا بلغ إلى قوله تعالى يرفع الله الذين آمنوا منكم، والذين أوتوا العلم درجات، قيل قد دلت الآية على أن الله تعالى قد اختار العلماء وفضلهم ورفعهم درجات، وقد أجمعت الأمة على أن العلماء من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الذين يؤخذ عنهم العلم، كانوا أربعة: علي بن أبي طالب عليه السلام، وعبد الله بن العباس، وابن مسعود، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>