للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المسلمين، وسألوه أن يعمد بحكمته ودرايته، فينهاها، فأجاب سؤلهم واتاها فقال: (ما قرح مآقي عينيك يا خنساء؟) قالت: (بكائي على السدات من مضر) قال: (حتى متى يا خنساء؟ اتقي الله! إن الذي تصنعين، ليس من صنع الإسلام وانه لو خلد احد، لخلد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن الذي تبكين هلكوا في الجاهلية، وهم أعضاء اللهب، وحشو جهنم.) قالت: (ذك أطول لعويلي عليهم.) قال: (فأنشديني مما قلت). قالت: (أما أني لا أنشدك مما قلت اليوم، ولكن أنشدك مما قلت الساعة: وقالت:

سقى جثاً، أكناف غمرة دونه ... من الغيث، ديمات الربيع ووابله

. . الخ

فأشفق عليها عمر، ورأف بها، وقال: (لا ألومك يا خنساء في البكاء عليهما، خلوا سبيل عجوزكم، لا أبا لكم، فكل امرئ يبكي شجوه). لقد ذهبت محاولته عبثاً، ورق لها، وفك سبيلها، وقد سواه كثير ردعها، فلم يفلحوا، ومنهم أم المؤمنين عائشة.

انظر إليها. لما ضرب على المسلمين، البعث والجهاد لافتتاح الأقطار وامتلاك الأمصار. وكانت القادسية المشهورة (١٦هـ - ٦٣٧م) كيف أقبلت بأولادها تحضهم وتحثهم على القتال، والاستشهاد في سبيل الإسلام، وإعلاء منارة وبأداتهم بقولها النصوح: (يا بني أنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين. والله الذي إلا إله إلا هو، أنكم لبنو رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة؛ وما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم، ولا هجنت حسبكم، ولا غيرت

نسبكم وقد تعلمون ما اعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية، خير من الدار الفانية. يقول الله عز وجل: (يا أيها الذين أمنوا، اصبروا، وصابروا ورابطوا، واتقوا الله لعلكم تفلحون.) فإذا أصبحتم غدا إن شاء الله تعالى سالمين. فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله

<<  <  ج: ص:  >  >>