للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا، تثور عن شأنها في الاقتضاب. وتنسى عادتها، فتذكره - ولعلها تتبسط في ذكره، لو كان الكاتب مكثاراً - وتنسج حوله الأقاصيص، وتحوطه بالأشعار والأخبار المنحولة. شأنها في أمثاله. . . إذاً هذا مما يرفضه العقل؛ ويأباه البحث النزيه، ولا بد أن العباس، من ولد امرأة أخرى لمرداس.

لما كان داء العرب البادية: الغزو، كان لا بد لأخوي الخنساء منه. فهيأ معاوية ذلوله، واستقل البيداء مع فرسان قلائل. وغزوا بني مرة، وثار بعضهم على بعض. وتناهبوا بالسلاح، وسقط معاوية صريع سنان هاشم بن حرملة، وأثنى عليه بالسيف أخ لهاشم. ففاظ في يوم حورة الأول (حورة على الفرات تتوسط الرقة وبالس). . . فحن موطن الشعر، وأفاق عند أخته الخنساء، فرثته رثاءاً أليما. ثم أن هبت بصخر رياح المعاش، وصارخته الحاجة، فساق غزواً على بني اسد، فارتدع بطعنه ربيعة بن ثور في جنبه، فرجع إلى داره يساند نفسه. تعاوره الداء حولا، حتى مله أهله، وزاد بلاؤه، أن احب الناس إليه سئمته، ابنة عمه وهي زوجته سلمى، تأمل حالته، وقد أتاه قومه يعودونه، وسألوها (كيف اصبح صخر اليوم؟) فقالت: (اصبح لا حياً فيرجى ولا ميتاً فينسى) أليس يحفظ هذا صخراُ وقد

طرقه؟ إي احفظه، وقد رأى من وهب لها قلبه تجفوه، وتبغي موته، لتذهبه من الذاكرة، وقيل، انه يئس من الحياة، فعلقها بعمود الفسطاط حتى ماتت. ثم نكس هو من بعدها، ومات من كان وحده سلوة ورجاء الخنساء، ففاض إذ ذاك معين الشعر، ونبعت أبحر القريض، فبكته أمر بكاء، وحبته قلائد الرثاء.

في الإسلام - إسلامها - محنتها

ظهر النبي محمد. ودعا للإسلام، فتوافدت عليه قبائل العرب، ومنها سليم ومنهم الخنساء، فأسلمت. وروت الرواة أنها مع إسلامها، لم تدع تسلبها على أخويها، ولا عادات أخر نهي عنها. وظلت تندت أهلها، وتخص صخراً بأكثر لوعتها وتفجعها، وحدثونا أيضاً أن قومها حاولوا كفها، فلم تقلع، وجفاها البصر، وقرحت مآقيها، فذهب نفر منهم عمر بن الخطاب، وهو إذ ذاك خليفة

<<  <  ج: ص:  >  >>