للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

له كف يشد بها وكف ... تجود فما يجف ثرى نداها

فمن للضيف أن هبت شمال ... مزعزعة تناوحها صباها

والجأ بردها الاشوال حدباً ... إلى الحجرات بادية كلاها

أحاميكم ورافدكم تركتم؟ ... لدى غبراء منهدم رجاها؟

فلم أملك غداة نعي صخر ... سوابق عبرة جلبت صراها

ترى الشم الغطارف من سليم ... يبل ندى مدامعها لحاها

على رجل كريم الخيم أضحى ... ببطن حفيرة صخب صداها

ليبك الخير صخراً من معد ... ذوو أحلامها وذوو نهاها

ويبك عليك قومك لليتامى ... وللهجاء أنك ما عناها

ليبكوا تشتجر العوالي ... بكأس الموت ساعة مصطلاها

فقد فقدتك طلقة فاستراحت ... فليت الخيل فارسها براها

وكنت إذا أردت بها سبيلا ... فعلت ولم يتممها هواها

فأنت ترى مما أوردناه. تشعب الأغراض وتناقل الأخبار دون تنافر المعاني وكم وكم في طيات ديوانها وشوارد أبياتها من معنى دقيق وخيال رائع، وجمال فاتن، وأذن فأنت لا شك توافق أنها نعم الخليل واصدق رفيق. وأوفى صديق وأنت تحكم أن في مصاحبتها غنى في الألفاظ وسمواً في التعبير وتأصلا في الاطلاع ونستطيع أيضاً أن نقول في غير حرج ولا خوف لائم. إنها تفوق أشعار معاصريها الجاهليين - إذ إن منبع الشعر عند الخنساء فاضت ثائرته في انصرام الجاهلية قبل انبثاق الإسلام. لذا يعد شعرها جاهلياً - في تربية الأفكار وتغذيتها. أفيحسب القارئ العزيز أننا نجد في الجاهلية افضل من هذه ذوقاً، ومعنى وجلاء:

كنا كأنجم ليل وسطها قمر ... يجلو الدجى فهوى من بيننا القمر

يا صخر ما كنت في قوم أسربهم ... إلا وانك بين القوم مشتهر

فاذهب حميداً على ما كان من حدث ... فقد سلكت سبيلا فيه معتبر!

لعلي أراك بعين بصيرتي، تلحظي لحظاً شديداً، وتمر على شفتيك بسمة تهكم، وتقول لي بشدة وحدة: (هلا علمت أن هذه الأبيات تروى لصفية الباهلية وان بيتها الأول يروي لمريم بنت طارق ووو. . . وألا ترى فيها كذا وكذا من

<<  <  ج: ص:  >  >>