وسطها طير صغير يظلل السلطان بتلك القبة وهذه النبذة وأن لم تكن من موضوع مقالنا فهي إليه أقرب وبه أمس.
ومذ نشأت حكاية واقعة الطف وقتل الإمام الحسين بن علي - ع - أخذ عوام الفرس في إيران وعوام الشيعة بالعراق يحملون في مناحاتهم السيارة أعلاماً سوداً للدلالة على الحزن وقد تكون حمراً وخضراً ويطرزون فيها جملاً دينية أو عاطفية مثل (أشهد أن لا آله إلاَّ الله. . .) و (يا شهيد كربلاء) و (يا أيها الحسين الشهيد المظلوم) و (يا قمر بني هاشم أبا الفضل العباس) و (يا الله، يا محمد، يا علي، يا فاطمة، يا حسن، يا حسين) ومن الأعلام ما نقش عليه (كف مقطوعة) أو تكون الكف من الشبه في رأس القناة إشارة إلى قطع جيش يزيد لكفي العباس بن علي حتى حمل القربة بفمه، ويجعلون ذلك أقوى مشبة للأحزان، وفي يوم عاشوراء حين ينقسم (الحاكون) قسمين: جيش يزيد وجماعة الحسين، يحمل جيش يزيد الأعلام الحمر ويلبس لباساً أحمر خيالته ورجالته، وجماعة الحسين تلبس لباساً أخضر وتحمل رايات سوداً لكي تمتاز الفرقتان إحداهما عن الأخرى، وفي مقارىء مقتل الحسين للرجال تنصب أعلام سود رمزاً للكآبة من فقده - كما قدمنا)، ولا زال المداحون (وهم ثلة عاطلة تتكسب بمدح الأئمة الاثني عشر وذكر مصائبهم) يحملون في القرى أعلاماً وعلى
رؤوس عصيها أو قباها كف العباس من الشبه أيضاً.
وللأحباش في البصرة أيام معلومة عندهم يحتفلون فيها بعادة اعتادوها ثم يخرجون في الجواد والطرقات يضربون بآلات الطرب الهمجية وينشدون أناشيدهم باللغة الحبشية ومعهم الأعلام المختلفة الألوان، ونحن نعرف أن للحبشة رقصة اسمها (الدركلة) وهي لبني أرفدة منهم وقد قال لهم رسول الله - ص - حينما رآهم يرقصونها (جدوا يا بني أرفدة لكي تعلم اليهود والنصارى أن في ديننا فسحة) ولكن هذه غير تلك وأحسبها باقية عندهم من زمن خروج الناجم علي بن محمد المذكور) بالبصرة واتخاذه أكثر جيشه من الزنج حتى سميت الواقعة (حرب الزنج) وهي أول مطالبة للسود بحقوقهم البشرية والله المستعان.