أكتبت توعدني إن استبطأتني ... إني بحربك ما حييت جدير
فدع الوعيد فما وعيدك ضائر ... أطنين أجنحة البعوض يضير؟
وإذا ارتحلت فأن نصري للالى ... أبواهم المهدي والمنصور
نبتت عليه لحومنا ودماؤنا ... وعليه قدر سعينا المشكور
ولعمري أن لهذا الشاعر الكاذب لمندوحة عن هذه التهمة الباطلة السافلة ولكن بماذا كان يتقرب إلى العبابسة؟ فبفساد الملك تفسد الرعية وبسوق الباطل تعرض البواطل ولعن الله السياسة وحب الرياسة.
وللأديب المؤرخ أحمد بن عبيد الله الثقفي المتوفى سنة (٣١٤) كتاب (المبيضة) وهو مقاتل الطالبيين، ذكر أبن زنجي أنه كان يجيئه ويقيم عنده وسمع منه أخبار المبيضة وغيرها ولما استولى جوهر الصقلي قائد المعز لدين الله الفاطمي على مصر وطرد
الأخاشدة حضر رسوله ومعه (بند أبيض) وطاف على الناس يؤمنهم ويمنع من النهب. فهدأ البلد وفتحت الأسواق وسكن الناس كأن لم تكن فتنة. فدخل جوهر بعد العصر وطبوله وبنوده بين يديه وشق مصر ونزل في مناخة (موضع القاهرة اليوم) وأختط موضع القاهرة وقطع خطبة بني العباس عن منابر الديار المصرية وكذلك اسمهم من السكة وعوض عن ذلك باسم مولاه المعز وأزال الشعار الأسود وألبس الخطباء (الثياب البيض) وجعل يجلس بنفسه كل يوم سبت للمظالم وأذن المؤذنون ب (حي على خير العمل) وكان عمر بن الخطاب - رض - قد أسقطها من الأذان لاجتهاد رأى فيه صلاحاً للمسلمين.
وكان من شعار سلاطين الشراكسة بمصر عمامة ملفوفة بصنائع مكلفة (كذا في الأعلام، ولعلها: بصبائغ مكففة) يجعلون في مقدمها ويمينها ويسارها شكل ستة قرون بارزة من نفس العمامة ملفوفة من نفس الشاش يلبسها السلطان في مواكبه وديوانه ويلبس قفطاناً من فاخر الثياب على كتفه اليمنى طراز مزركش بالذهب وكذلك على كتفه اليسرى ويحمل على رأسه قبة لطيفة وفي