المنحوت أسفلها نحتاً، مرسوماً فيه مواقع الملك في الصيد. وبطشة في الحرب. ويظهر أن المملكة جمعت كل مواردها من أدوات وحذاق، لتقوم بهذا العمل. ولم يغفل ملوك آشورية عن الغنى الطبيعي في البلاد التي قهروها، ولا عن أي مورد فيها، على انهم كانوا يغضون النظر عن إثبات أر كان حكمهم في تلك المستعمرات، غير انهم كانوا ينفون قهراً عدداً كثيراً من السكان المغلوبين، وفي الحقيقة لم تكن حروبهم سوى غزوات عظيمة، يقومون بها بمهارة عسكرية عجيبة، وكان يقع فيها مظاهر مروعة. حتى انهم يغتصبون من المقهورين اغتصاباً قاسياً مجموعات من الحيوان والنبات النفيس والأشجار، ويعودون بها بمنزلة جزية لهم. وقد رسم ذلك في المنحوتات، وبينها صور الحرب والصيد وأتقنوا حفر تلك الصور اتقاناً بارعاً يفصح عن رشاقة ولباقة لا تريان في رسومهم للإنسان. ويرى في اسطوانة صلصال مشوي، محفور عليها بالخط المسماري. إن (سنحاريب) لم يفاخر بأعماله في الحرب وبقصره فحسب، بل يروي عن حدائقه النباتية، حتى انه زرع فيها القطن الذي أتى به من الهند ويقول:(والأشجار التي حملت صوفاً جزوها، ومشطوا الصوف فاتخذوا منه ملابس).
وكان (سنحاريب) يترك مملكته دائماً ليقوم بحملاته العسكرية. فقد حمل على سورية سنة ٧٠١ ق. م، بعد أن اخمد ثورة قامت في بابل. ودوخ مدن (فنيقية)، ثم استأنف سيرة واتى إلى فلسطين ودوخ (عسقلان) و (لا كيش) وبلداناً كثاراً آخر، ثم عمد إلى (أورشليم) فاستولى الجزع على (حزقيا) ودفع إليه كل ما في بيت الرب من ذهب وفضة بمثابة جزية له. (٢ سفر الملوك ١٨: ١٤ إلى ١٦). ولكن لما زحف إلى مصر رجع القهقري لأن الطاعون انتشر في جنده (٢ سفر الملوك ١٩: ٣٥). ثم زار (سنحاريب)(مردوخ بلدان)
الملك في بابل، وغلبه في معركة قامت في (كيش) فسبى الآشوريين بابل (٦٨٦ ق. م) وشارك العيلميون نصيب البابليين المقهورين.