ولما قهرت سلالة الفرس الساسانية مواليها الفرثيين سنة ٢٢٦م أبيدت (حضرة) وهجرت بالمرة.
من الموصل:
نينوى (قويونجق، نبي يونس)
(نينوى الوارد ذكرها في التوراة: يونان ١: ٢)
ترى على ضفة دجلة المحاذية للموصل، وعلى مسافة قريبة من تلك الضفة رواب وتلول طويلة الامتداد واطئة، وهي كل ما بقي من نينوى العظيمة وسورها الهائل الذي كان يطوقها، وقد بلغت دائرته اثني عشر ميلاً. وكانت نينوى القصبة الرابعة لمملكة آشور، وهي الأخيرة وبلغت المملكة أوج علاها في تلك المدينة، وأصبحت دار آثام وفساد، فأرسل الله إليها النبي يونان ليوعظ في سكانها، والقصور الكبار المحصنة التي شيدها كل من الملوك الثلاثة:(سنحاريب) و (اسرحدون) و (آشور بنيبل) تقع تحت التلين الرئيسين، الفاصل بينهما النهير المسمى (خوسر).
وحفر حفر كبير في شمالي (تل قويونجق) قبيل نصف القرن الماضي. وأول من نقب هنالك (بوتا) وكيل القنصل الفرنسي في الموصل سنة ١٨٤٢ وواصل الحفر بعده (السر هنري لايرد) و (رسام) و (لفتس) و (سمث) في مواقيت شتى، ونقب في ذلك الموطن زمناً قصيراً سنة ١٩٠٤ (ل. و، كنك) رحمه الله، واكتشف قصر (سنحاريب) في شمالي التل،
وأما قصر (آشور بنيبل) في جنوبيه، ولا يرى من هذه الحفريات الآن غير بعض النقر والخنادق ودفن المنقبون مرة ثانية ما لم يستطيعوا حمله، إذ أن أعراب تلك الأصقاع كثيراً ما يرغبون في المرمر المنحوت طالبين كسره وإحراقه ليحصلوا على البورق أو النورة، كما أن الطبيعة أعانت دفن هذه العروض دفناً ثانياً.
ولا ريب في أن هذه القصور الآشورية، كانت على جانب عظيم من البهاء وكان منظرها مدهشاً من جهة الصناعة، لما كان فيها من أبواب مثلثة الطيقان وبجانبها ثيران عظام مجنحة برؤوس بشرية؛ والكل يلصف بالزليج. فضلاً عن الجدران