للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها شيء من مواد البناء

سوى صخور عظيمة لا يكفي لرفع الواحدة منها عن الأرض أقل من عشرة رجال شداد أو أكثر. وقد أحكم رصفها وتطبيق بعضها على بعض بحيث لا تتجاوز الواحدة الأخرى خارج البناء ولا داخله. ولم يعط للصخور التي فيها شكل هندسي، بل تركت كل صخرة على حالها بعد حذف ما يزيد عن المطلوب منها. ولكن جعل القسم الذي أقل ثخناً من الصخرة يقابله القسم الاثخن من التي تحتها والقسم المحدب من الصخرة الواحدة يلاقيه القسم المقعر من الأخرى. وقد حبكت هذه الصخور بحيث يؤلف المجموع جدراناً أربعة تحيط بفضاء على شكل غرفة كبيرة مربعة مستطيلة. ولا بد أنه كان لهذه الغرف أبواب ضيقة وسقوف من خشب وأغصان الشجر فوقها تراب كما هو الحال في ريازة مساكن الكرد الحالية. وقد سقط بعض الصخور من أعالي الجدران إلى داخل الغرفة وخارجها، وذلك أما من عمل الأعداء أو عبث العابثين أو من تأثير الزلازل العظيمة ولا أعلم الغاية من هذه الأبنية العجيبة، هل كانت مسكناً للرؤساء الأقوياء الجبابرة أم محلاً للأصنام أو مذبحاً لتقديم الأضحية للآلهة.

تسمي الكرد هذه الماديات (دهر كافره) بكسرات ثلاث في دهر وبكسر الفاء في كافره، ومعناه دير الكافر أو حصن الكافر. وتسميه نصارى قرية (برسفة) أو برسبا (أي بئر السبع بلغة عوام السريانيين) الواقعة شرقي زاخو وأهل شارنش نصارى في شماليها ب (قصر سطانا) أي قصر الشيطان. ولا يعرفون عنها شيئاً مطلقاً غير أنهم يعتقودن أنها قديمة جداً جداً.

رأيت واحداً من هذه الأبنية في الشمال الغربي من قرية برسفة يبعد عنها نحو كيلو مترين أو ثلاثة. وآخر في سفح رابية مرتفعة في الجهة الشمالية من قرية (شرانش نصارى) (لأنهما قريتان غير بعيدة إحداهما عن الأخرى، يسكن السفلى منهما كرد وتسمى (شارنش إسلام) والأخرى أعلى وهي (شارنش نصارى) هذه). ورأيت أثنين منها: الواحد قرب الآخر في سفح جبيل في شرقي (مارسيس). وهي قرية في واد بين جبال شاهقة تقع شمالي شارنش وكل هذه القرى داخلة في حدود العراق.

إن وقوع هذه الأبنية في سفوح الجبال خصيصاً تدل على أنهم كانوا يعمدون

<<  <  ج: ص:  >  >>