للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى صخور السفح فيزلمونها أي فيشذبون منها الأطراف الناتئة والزائدة عن المقدار المطلوب ويقلبونها

على الأرض إلى أسفل حتى إذا بلغوا بها المكان المطلوب وضعوه عليه وأتوا بالثانية والثالثة الخ. حتى إذا أرتفع بهم البناء دمساً جعلوا حوله وداخله تراباً كي تسهل عليهم دحرجة صخور أخرى ووضعها في المكان المطلوب. وهكذا يضعون التراب أطراف البناء كلما أرتفع حتى ينتهوا من عملهم. ثم يزيلون التراب فيبرز البناء.

لا بد من القول أن العرب عرفوا هذه الأبنية أو شيئاً من قبيلها. فقد ورد في مادة رضم في تاج العروس ما نصه: (والرضم بالفتح ويحرك وككتاب وأقتصر الجوهري على الأولى والأخيرة صخور عظام يرضم بعضها فوق بعض في الأبنية. الواحدة رضمة). وجاء فيه: (الرضيم والمرضوم البناء بالصخر) وفيه: (ذات الرضم من نواحي وادي القرى وتيماء، وذو الرضم موضع حجازي) وفيه: (رضم عليه رضماً: وضع الحجارة بعضها فوق بعض ورضم المتاع فارتضم مثل نضده فأنتضد). ويقرب من الرضام لفظاً ومعنى الركام. جاء في القرآن الكريم (ثم يجعله ركاماً) يعني السحاب أي يجمع بعضه فوق بعض. ويقرب منهما لفظ الرخام أي المرمر لأنهم يقدون منه قطعاً يجعلون بعضها فوق بعض.

إن ما تسميه الإفرنج بالأبنية الدرويدية نسبة إلى الدرويد وهو كاهن القاطيبن قبل المسيحية في غربي أوروبا والتي منها ما هو على شكل خوان عظيم مؤلف من صخرة منبسطة قائمة على صخرتين أو أربع وتسمى بال (دلمن ومنها ما هو عبارة عن صخور ركزت عمودياً وصفت بشكل محيط دائرة، أقول أن الأبنية الدرويدية وأن كانت من الأعمال الرضامية أيضاً فهي بسيطة نسبة إلى هذه الرضم (قصور الشيطان).

لا بد أن الرضم لا تقتصر على ما ذكرت ولا بد أن منها ما هو في سائر أنحاء كردستان داخل حدود العراق وخارجه وفي أراض جبلية أخرى في سائر أنحاء آسيا وأوربا وغيرهما، ولا بد أن علماء الإفرنج بحثوا عنها. ولكني لم أطلع على ما كتبوه عنها ولا أعلم بماذا أسموها. فارجوا ممن له إطلاع أن يتحفنا بمعلومات أوفى وأتم عنها وأحث السياح ومحبي البحث على مشاهدتها.

الدكتور داود الجلبي

<<  <  ج: ص:  >  >>