للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من الأول. ومن التمور (الخضراوي) يشبه الخستاوي لوناً وحجماً، و (ألبدارية) أو (البيدرايي) كأنه منسوب إلى بدرة، وهو تمر لا أرى مثله في بغداد في الحجم والطعم، لكني أسمع بمحماة. (والمكتوم) يبيعونه بلحاً وفضيخاً و (القيتوني) ولم أر له في بغداد نظيراً، (وجمال الدين) كذلك لم أجد له نظيراً، وأحسن منه (دقل قيطاز) فهو الفريد عندهم. وقيطاز اسم محلة من محلات بدرة، أضيف إليها الدقل المذكور، و (الزهدي) و (القسب) لا يأكلونه لأنهم في غنية عنه. وإنما يحملونه إلى بغداد وعندهم (الأشرسي المكبوس) وغير ذلك مما يطول شرحه ويقتضي تطويلاً.

وكل ما ينبت في العراق ينبت في تلك البلاد، ولا شأن عندهم للزيتون فهو مهمل بينهم يثمر، فلا يجنون ثمره ولا يعنون به. ويكثر عندهم (النرجس) الزهر المشهور الذي تلاعبت في وصفه أقلام الشعراء لطيب رائحته ودقة عرفه المنشور و (الفرصاد) و (التوت) لا يكادان يذكران عندهم. وكذلك (الكمأة) فأنهم محرموها ويكثر عندهم (الرمان) و

(التين) و (الأعناب) قليلة عندهم. والبطيخ الأحمر) و (الأصفر) لا يكادان يذكران عندهم. والخوخ والأجاص عندهم أحسن من خوخ بغداد واجاصها والباذنجان والشلجم والشمندور من جملة ما يزرعونه. وبالجملة فكل ما ينبت في العراق ينبت في بدرة إلا قليلاً. ولولا خراب تلك القرى وتأخرها لأصبحت تلك البيوت قصوراً تحف بها المروج والحدائق فتكون كجنات عدن.

أخلاقهم وعاداتهم

هم قليلو التمسك بالدين، وأغلب خواصهم يؤدون ما عليهم من الفروض الإسلامية ومساجدهم لا تكاد ترى فيها أحداً إلا قليلا. والكل ضارب في إطنابه، وإذا تخاصم اثنان منهم في أمر يتقاضيان عند القاضي الرسمي أو عند بعض الأشراف. والمنكر يحلف بإمام مدفون هناك يسمى (علي اليثربي)، كما رأيته مكتوباً على قبره. ويبعد عن نفس القرية نحو ساعة ونصف، وينطقون باسمه (على أثره) وهم لا يحلفون به كذبا أبداً فأن المنكر عنده ما نكره أقر. وهكذا يفعلون بمن ظنوا به أنه سارق، فأنه يقر ويرجع ما سرقه إلى المسروق منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>