للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واظهر الآثار التي يرى فيها جلال الحق وكمال صفاته. إنما هو معرفة النفس. كما قال تعالى: سنريهم آياتنا في الأفق. وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق. وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون. وقال عليه السلام: من عرف نفسه. فقد عرف ربه. وقال عليه السلام: أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه. ونحن نعرج في هذا الكتاب من تدرج معرفة النفس إلى معرفة الحق جل جلاله. ونذكر مخ ما يؤدي إليه البراهين من حال النفس

الإنسانية. ولباب ما وقف عليه البحث الشافي من أمرها. وكونها منزهة عن صفات الأجسام. ومعرفة قواها وجنودها. ومعرفة حدوثها وبقائها وسعادتها وشقاوتها. بعد المفارقة على وجه يكشف الغطاء. ويرفع الحجاب ويدل على الأسرار المخزونة. والعلوم المكنونة. المضنون بها على غير أهلها. ثم إذا ختمنا فصول معرفة النفس، فحينئذ ننعطف على معرفة الحق جل وعلا. إذ جميع العلوم مقدمات ووسائل لمعرفة الأول الحق جل وعلا، وكل ما يراد لشيء فدون حصول مقصوده يكون ضائعاً. فمن عرف نفسه. عرف ربه. وعرف صفاته. وأفعاله. وعرف مراتب العالم مبدعاته. ومكنوناته وعرف ملائكته. ومراتبهم. وعرف لمة الملك. ولمة الشيطان. والتوفيق والخذلان. وعرف الرسالة والنبوة. وكيفية الوحي وكيفية المعجزات. والأخبار عن المغيبات، وعرف الدار الآخرة. وسعادته وشقاوته. وأقسامها ولذة البهجة فيها. وعرف غاية السعادة والتي هي لقاء الله تعالى. فمن يسر له هذا السفر. لم يزل في سيره متنزهاً في جنة عرضها السموات والأرض وهو ساكن بالبدن. مستقر في الوطن. وهو السفر الذي يسفر فيه عن وجه المعرفة. وتنحل أزرار الأنوار في هذه الأسفار. وهو السفر الذي لا تضيق فيه المناهل والموارد. ولا يضر فيه التزاحم والتوارد. بل يزيد بكثرة المسافرين غنائمه، وتتضاعف ثمراته وفوائده. فغنائمه غير ممنوعة، وثمراته متزايدة غير مقطوعة، ومن لم يؤهل للجولان. في هذا الميدان. والتطواف في منتزهات هذا البستان، فليس بيده إلا القشر. يأكل كما تأكل الأنعام. ويرتع كما ترتع البهائم. وشرح هذا السفر. وبيان هذا العلم العظيم القدر، لا يمكن (كذا أي لا يكون) في أوراق. وأطباق.

<<  <  ج: ص:  >  >>