للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها، انتزاع النفس الكليات المفردة عن الجزيئات على سبيل تجريد معانيها عن المادة وعن علائق المادة ولواحقها ومراعاة المشترك فيه. والمباين به، والذاتي وجوده، والعرضي وجوده، فيحدث للنفس عن ذلك مبادئ التصور عن استعمال الخيال والوهم مثل الجنس والفصل والعرض العام والعرض الخاص.

والثاني، إيقاع النفس مناسبات بين هذه الكليات المقودة على مثال سلب وإيجاب فما كان التأليف فيه ذاتياً بيناً بنفسه أخذه وما كان ليس كذلك تركه إلى مصادفة الواسطة.

الثالث، تحصيل المقدمات التجريبية وهو أن يوجد بالحس محمول لازم الحكم لموضوع ما كان حكمه بالايجاب، أو السلب، أو نال موجب الاتصال أو مسلوبه، أو موجب القياد، أو مسلوبه، وليس ذلك في بعض الأحايين دون بعض، ولا على المساواة، بل دائماً متى تسكن

النفس. على أن طبيعة هذا المحمول أن يكون فيه هذه النسبة إلى هذا الموضوع، والتالي أن يلزم هذا المقدم، أو بنافيه لذاته، لا باتفاق، فيكون ذلك اعتقاداً حاصلاً من حسٍ وقياس. أما الحس فلأجل مشاهدة ذلك؛ وأما القياس فلأنه لو كان اتفاقاً لما وجد دائماً، أو في الأكثر؛ وهذا كالحكم بان السقمونيا يسهل للصفراء بطبعة، لإحساسنا ذلك، وبقياسنا أنه لو كان لاعن الطبع بل بالاتفاق لوجد في بعض الأحايين.

الرابع، الأخبار التي يقع بها التصديق لشدة التواتر. فالنفس الإنسانية تستعين بالبدن لتحصيل هذه المبادئ للتصور والتصديق ثم إذا حصلته رجع إلى ذاته؛ فإن تعرض لها من القوى التي دونها، بأن تشغله، شغلته عن فعله، واضرب بفعله، إلا في أمور تحتاج فيها النفس خاصة، بأن تعاود القوة الخيالية مرة أخرى لاقتناص مبدأ غير الذي حصل أو معاونة بإحضار خيال. وهذا يقع في الابتداء كثيراً ولا يقع بعده إلا قليلاً. وأما إذا استكملت النفس وقويت، فإنها تنفرد بأفاعيلها على الإطلاق وتكون القوة الخيالية والحسية وسائر القوى البدنية غير صارفة لها من فعلها؛ بل شاغلة لها. ومثال ذلك أن الإنسان قد يحتاج إلى أدلةٍ وآلات ليتوصل بها إلى المقصد؛

<<  <  ج: ص:  >  >>