للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال رجل مصر الأوحد سعد زغلول باسا يوماً: إننا في حاجة إلى أخلاق اكثر من حاجتنا إلى علم! وما اصح هذا القول، يا سادتي لان العلم الراقي غير مطلوب من الجميع، أما الأخلاق الحميدة فيحتم توفرها في جميع خلق الله، فهي أسس الممالك وعليها تشاد صروح الأمم الشامخة. نعم أخلاق الشعب هي التي تنهض به إلى ذروة المجد، والسؤدد، والاستقامة، وهي التي تسود على الأخص نفوس الشباب إذ لابد من أن يكون لها احمد النتائج في إعلاء شأن المجتمع العراقي والنهوض به إلى مصاف الأمم العريقة في المدينة والعمران فيحق أذن لأبناء الكرمل أن يبتهجوا اليوم بهذه الذكرى السعيدة، ولهم أن يفاخروا بمآثر أسلافهم، وفعال المعاصرين منهم.

هذا والشعب العراقي الممتاز بمعرفة الجميل. وتقدير الإحسان، يشاطرهم هذا الفرح العظيم، بفؤاد ممتلئ، سروراً وغبطة، لاهج بالشكر، والثناء، ونفس متغنية بألمع الآمال في مواصلة الجهود لإنماء مشاريع الكرمل الجليلة، واطراد العمل الحيوي في سبيل الخير العام.

خطبة تاريخية ملوكية

لم نعتد أدراج خطبة من الخطب، مهما كانت منزلتها من صحة الموضوع وعظم قدره، إلا أن جلالة ملكنا المعظم نطق بخطبة في عشاء اليوم الثاني من تشرين الأول (أكتوبر)، بخصوص المأدبة التي قيمت إكراماً للوفود العراقية، ففعلت في نفوس الحاضرين فعلا عظيماً حتى أنهم انتشوا بسلسبيلها من غير أن يذوقوا قطرة من الرحيق، واظهر جلالته للجميع أنه من بلغاء الخطباء العصريين فضلا عن حكمته في إدارة سكان المملكة، واجتذاب جميع القلوب إليه. وهانحن أولاء ندرج هنا هذا النص الشائق لأنه يقفنا أيضاً على أمر آخر هو تاريخ العراق منذ أن اعتلى جلالته عرش الخلافة العباسية، إذ هذا النص منهل صاف لوراد الأخبار ومنها يستسقي من يريد أن يكتب شيئاً عن العراق.

(لغة العرب)

افتتح كلمتي هذه بالترحيب بكم جميعاً وبالرجاء إلى الصحفيين أن لا يحاسبوني على اللفظ لأنني لست من الخطباء، ولا من علماء الأعراب، بل أرجو منكم جميعاً والصحفيين خاصة، أن تنقلوا كلامي هذا بمعناه الصحيح، إلى جميع أفراد الشعب، لا لأنه بحث عن تاريخ العراق السياسي في الماضي القريب، بل لما له من أهمية عظمى، وصلة وثقى، بحالة البلاد الراهنة ومستقبل الأمة، التي أحمل مهمة السير بها في مجال التقدم والارتقاء.

كثيراً ما كنت أصبو إلى حلول الوقت، وأتحين الفرص كي أصارح الأمة بالخطة التي مازلت سائراً بها في مضمار التقدم، نحو الهدف الذي نصبته لامانيها، آمالها، وها أنني وجدت من الاجتماع بكم ممثلي الأمة ومن رافقكم من وجوه البلاد بعد عودتي من رحلتي الأخيرة، تلك الفرصة التي كنت أتمناها. وها أني باسط أمامكم بصورة موجزة تاريخ قضية البلاد السياسية، في أدوارها المتعددة وأملي كثير بأنكم ستتمكنون من الاطلاع على تفاصيل ذلك بصورة كتاب، يحتوي على تاريخ التطور السياسي لهذا البلد، منذ الهدنة إلى الآن، كي تتمكنوا من القياس والحكم على مقدار التقدم الذي أدركته البلاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>