للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند الاطلاع على النسخ الأصلية التي كتبها المؤلف بنفسه يتبين لنا أسلوب ابن اياس في الكتابة. إذ أنه يتضح لنا أن اللغة العربية التي كتبها ذات خواص غريبة لا يمكننا المرور عليها بدون انتقاد. فإذا قيل أن ابن اياس أصله أجنبي، فهذا ليس له ذكر، فأبوه وجده عاشا في مصر، كذلك جد أبيه كان أحد كبار الموظفين بمصر؛ وهو ولد وربي في مصر ودرس على جلال الدين السيوطي، ولا شك أنه كان في استطاعته التعبير عن آرائه بعبارة صحيحة باللغة العربية في ذلك الوقت. ولا يخفى أن اللغة العامية تأثيراً واضحاً اختص باللغة العربية في ذلك الوقت. وعلاوة على ذلك تحتوي لغة ابن اياس العربية على خواص تظهر لنا لأول وهلة كغلطات لغوية. فإذا تبينت لنا هذه الخواص في أسلوب المؤلف. فربما كان ذلك لأننا قلما نعرف نسخاً أخرى من ذلك الوقت مكتوبة بخط مؤلفيها. وكلما وجدنا غلطات لغوية يمكننا أن نرجعها إلى ناسخ من ناسخي هذه النسخة الأصلية، فنحن نميل طبعاً إلى تصحيحها مع وثوقنا بأن المؤلف نفسه كان يعبر عن آرائه بلغة صحيحة وان هذه الغلطات تقيد في حساب ذلك الناسخ. ونسخ أبن اياس، وبالأخص طبعة بولاق، تشهد بأنها صححت كثيراً.

ونحن لدينا ألان النسخ الأصلية للجزء الأكبر من التاريخ، أعني الأصل الذي كتبه المؤلف بنفسه كما هو. وانه لمن النفع الكبير أن نرى كيف كان يكتب العربية أحد المتعلمين في ذلك الوقت. فلذلك نرى أنه من الأصح إذا نشرنا تاريخ أبن اياس أن ننشر الأجزاء المحتفظة عليها في النسخ الأصلية كما هي تماماً على قدر الإمكان. طبعاً يقابل هذه الطريقة صعوبات. فإذا أبقينا في النشر الهمزة مثلا كما هي عليه في الأصل أصبحت قراءة المتن صعبة. وكذلك الخواص الأخرى اللغوية ثم أن أبن اياس نفسه لا يدقق في هذه الأشياء. وعلى العموم فان كل من يريد أن يدرس خواص أبن اياس في الكتابة فهو مضطر أن يطلع على نسخ أبن اياس الأصلية أو صورها.

وعلى كل حال فانه من المناسب أن نقتصر عند نشر النسخ الأصلية على تصحيح الغلطات التي نرى أنها وقعت سهواً من المؤلف وعلى أن نضع علامات الشكل حيث نرى أنه يلزم وضعها. وأني أرى أنه ليس من واجبنا أن نصحح الغلطات النحوية التي تقابلنا، مثال ذلك الضمائر الخطأ أو وضع النصب محل الرفع أو أداة التعريف الخطأ مثل البرهان الدين الخ. مورتس سوبر نهيم كان قد طلب تصحيح ذلك تصحيحاً مطلقاً.

عند طبع هذا الجزء كان لدينا كمسودة نسختان منسوختان عن الأصل تتمم إحداهما الأخرى. وطبعاً ليست هاتان النسختان كالأصل بعينه ورغماً عن أنهما نسخنا في سنة واحدة فهما تختلفان في أسلوبها.

فنسخة باريس مكتوبة بالنسبة للنسخ الأخرى، بلغة صحيحة حتى أنها تفوق على الأصل أحياناً في صحتها. وفيها تنقص كل علامات الشكل. وقد تمكن لنا طبع متن هذه النسخة كما هو إلا بعض غلطات سهوية صححناها - وقد نبهنا عنها في الحاشية - وأحياناً وضعنا بعض علامات الشكل لتسهيل القراءة.

وأما نسخة لنبنجراد فهي تعتمد في حد ذاتها على الأصل كمسودة لها. غير إنها نسخت على يد ناسخ لم يتكلم العربية كلفته ولم يفهمها أحياناً كما يظهر لنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>