غوتنبرغ وكان ذلك في أواسط القرن الخامس عشر حينما كانت الأفكار ناضجة في أوروبا أي أنه اخترعها سنة ١٤٤١م وأذاعها سنة ١٤٥٤م بيد أن هذا المخترع العظيم لم يكن يكتفي بظواهر هذا الاختراع ويقنع بما ناله من شعبه من التبجيل والإكرام بل اخذ على نفسه طبع الكتب النفيسة والأسفار العتيقة لينشرها في العالم الأوربي. فكان أول كتاب طبعه التوراة الكريمة سنة ١٤٥٦م وكتاب الزبور باللاتينية سنة ١٤٥٧م. ولما ظهرت فوائد الطباعة للعيان أخذت الشعوب الناهضة باقتناء الكتب والآثار الدينية لرخص أثمانها وكانت إنكلترة هي السابقة إلى نشر الطباعة والكتب في بلادها. ففي السنة التي فيها طبع غوتنبرغ كتاب الزبور دخل فن الطباعة إنكلترة على يد أحد التجار وأول مطبعة أنشئت في إنكلترة كانت في وستمنستر سنة ١٤٧٤م وقد كان فن الطباعة في بادئ أمره ناقصاً محتاجاً إلى إصلاح فارتقى رويداً رويداً عملاً بسنة النشوء والارتقاء حتى إذا جاء القرن الثامن عشر اخترع الأستاذ الوئيس سنفلدير الألماني الطبع على الحجر بصورة سهلة فتوسعت بذلك الطباعة وصارت تتناول الكتب الفلسفية والجرائد والمجلات وكتب موسوعات العلوم بعد أن كانت مقصورة على طبع الكتب الدينية والردود والمنشورات التي كانت قائمة بين لوثير مؤسس البروتستانية وأشياعه والبابا رئيس الديانة الكاثوليكية واتباعه، وهكذا انتشرت الطباعة بين الشعوب والأقوام السريعة الخطوات نحو المدنية.