أوطانهم اجتازوا بلاد العرب شيئاً فشيئاً كما فعل قبلهم أسلافهم الصينيون عندما رحلوا نحو مشرق الشمس ويظن رولنسن أن ذلك حدث منذ نحو خمسة آلاف سنة. فلنترك هذه المسائل لمن يريد استقصاءها بذاته ثم نعود فنقول: متى بنيت القبور في البحرين؟ وما هو زمن تأسيسها على التحقيق؟ ومن الراقدون فيها؟ إن هذه الأسئلة تظهر لنا كأحجية أما ثيودور بنت فقد أخبرنا أن المدفونين فيها هم من أصل فنيقي هجروا أوطانهم وقطعوا فيا في بلاد العرب وحلوا بهذه الربوع وبنوا على البر بلدة على خط البحرين في موضع بقرب مدينة القطيف الحديثة ربما كان عند رأس الخليج حيث ترى اليوم جزيرة البحرين وكانت مدينة عظيمة فيها سوق تجارية واسعة اسمها (الجرعاء) التي يظنها البعض نفس مدينة أوفير الشهيرة بكثرة ذهبها والغنية بمعادنها وقد جاء ذكرها في العهد القديم من الكتاب الكريم. فهل يا ترى اعتقد سكان الجرعاء أن البحرين بقعة مقدسة التربة حتى ينقلوا إليها جنائز موتاهم ويدفنوهم فيها كما يفعل اليوم الإمامية في نقل جنائزهم إلى كربلاء والمشهد (أي النجف) أو لأنها قريبة من البحر وهي مركز التجارة وتلك المدافن هي قبور أولئك السكان أو أقيمت تلك المقبرة الغريبة قبل أن يبرحوا الوطن ويتوغلوا في قلب بلاد العرب أو قبل أن يمصر أهل الجزيرة أرض الكلدانيين وينشئوا فيها مهجراً