للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الداء، ولا يضع الهناء موضع النقب. العادة ومن لا يعلم أنها تكون لكل شعب وقطر بل لكل أسرة ودسكرة بل حتى أهل الكوخ الصغير قد يمتاز بعادة لا توجد عند غيره. أو يجوز أن نعاتب الشعب بعادة الأسرة، والقطر بعادة البلد كلا، إنه تحامل ولا عذر وقياس أن يلبس الإحسان ثوب العدوان.

نسمع فيما نسمع أن الإنكليز يتطيرون من لقاء المرأة الحولاء ما لم تبادر بالكلام فحينئذ تزول الطيرة؛ وأنه إذا قص الإنسان شعر رأسه مدة نمو القمر نما وجثل؛ وإذا عزم إنسان على سفر وأكل نصف بصله وترك الباقي كان دليلاً على عدم توفيقه؛ وإذا انقلب الكرسي برجل عزب كان دليلاً على أنه لا يتزوج في تلك السنة وأن إكثار الضحك يعقبه البكاء لا محالة وأنهم يعتقدون بأنه متى احتضر شخص حضر في منزله روح يسمونه (رصد الميت) فيسمع له قرع على الباب أو الحائط أو صوت نحو صوت جر السلاسل فإذا سمع ذلك ثلاث مرات كان الموت بعدها لا محالة. أو يصح لنا أن نقول إن الإنكليز كافة يؤمنون بهذه الخرافات ويخنعون لهذه العادات وهم هم ذوو الرقى في معارفهم، في آدابهم، في جل شؤونهم. نعم ربما يكون في بعض طبقاتهم المنحطة من يتمسك بها.

وعن المصريين أن بعضهم يتوهم شراً لو رأى جنازة في طريقه أو رأى شخصاً أحول في صباحه (سمعت عن الإنكليز مثلها) وأنهم لا يأكلون السمك يوم الأربعاء وبعض نسائهم يعتقدن في المرض المعروف (بمرض الأعصاب) أنه من مس الشيطان وأن فقيرة المصريين إذا أرادت أن تسمي ولدها باسم هيأت ثلاث شمعات وسمت كلا منها باسم وأنارتها ليلا وفي الصباح تسمي ولدها باسم الشمعة التي بقى نورها بعد نوري أختيها.

وفقيرهم يمنع أولاده من ضرب القط ليلا لزعمه أن روحه مفصول من روح الملائكة. وشاهدي من ذكر أمثال هذه الأوهام لمن نعرف فيهم رفعة الفكر والسمو الأدبي إن الأمة مهما بلغت من الرقى فلا تزال تحفظ في أدمغة بعض أفرادها خرافات وخزعبلات فلا يجوز أن نوجه كلمة المؤاخذة إلى قوم بجهل منحطهم فإنه قول يجمع إلى البهتان. إفساد الغرض الصالح على حين أن القائل يروم إصلاح الفاسد. صدر كاتبنا بما قرأت من العنوان مقالته والظاهر أنه يريد بالعراقيين المنسوبين إلى العرق العربي والعجمي وإلا

<<  <  ج: ص:  >  >>