للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢: الجبان يدعي الشجاعة

أن حب الحياة يسوق غالباً بعض الخشاس أي الحيوانات غير المؤذية إلى تقليد هيئة وأخلاق الحيوانات الكثيرة الأذى والضرر. ومن درس أخلاقها، يعجب من تظاهرها بإمارات الشجاعة، مع أن غريزتها على جانب عظيم من الضعف والجبن. ويرى هذا المشهد يومياً في الطبيعة، من ذلك الدويبة المعروفة بالزباء الجاسية وبالإفرنجية فهي تبين لأول نظرة هائلة ويلتبس أمرها على الناظر بغيرها لنحافة خصرها ولون زببها المشرب شقرة ولسمرة حلقاتها فإذا قبضت عليها فأنها لا تؤذيك ومن أجناس هذه الحيوانات الفراشة النحلة المسماة بالإفرنجية أو فهي توجد عادة على أشجار الحور، في شهر حزيران. ومن يرها يحكم وحياً أنها زنبور كبير موذٍ، فأن جسمها مخطط بخطوط صفراء ذهبية، وأجنحتها نحاسية اللون، لكنها لا تضر ضرر النحل والصقيع.

وكثيراً ما يخدع الإنسان بظواهر بعض الحيات فلا يميز السامة منها من غير السامة ويصعب عليه أن يفرق بين الحفث والأفعى ولو كان يعرف بعض الظواهر التي تمتاز بها لأنها على جانب عظيم من الدهاء. وقد عرف ذلك الأقدمون فقال السيد المسيح في التنزيل العزيز (كونوا حكماء كالحيات).

<<  <  ج: ص:  >  >>