ومن الذين خدعوا بتلك الظواهر أحد المعلمين وكان يدرس في دار التحف بباريس أخلاق الزحافات فأنه قبض ذات يوم على حيةٍ صغيرة ظاناً أنها غير مؤذية ولكن ساء ظنه إذ وجدها أفعى سامة في منتهى الخبث وكادت ترديه لو لم تنكزه إلا نكزة خفيفة.
أن الحيوانات غير المؤذية من هذا النوع متى شعرت بدنو الخطر تنتصب وتتظاهر بأنها تريد لسع عدوّها فيولي الأدبار. وقد عرف العرب ذلك وورد ذكره في كتبهم اللغوية في تعريف الحفاث وهي حية عظيمة تنفخ ولا تؤذي وقد جاء في كتاب فقه اللغة عن كل من العربد والعسود أنه حية تنفخ ولا تؤذي. وقد ذكر الجاحظ في كتاب الحيوان تفصيل ما تفعله هذه الأنواع من الحيات فليراجع في محله.
٣ - الدويبات تتشكل بأشكال الأوراد
لندخلن الآن عالماً جديداً فيه للحشرة المنزلة الأولى من الشان والخطورة أِن الأحياء هنا لا تحاول هذه المرة أن تتشبه بالأحياء أو بالجماد كائناً ما كان تشبهاً قريباً أو بعيداً للذب عن نفسها كما رأَينا فويق هذا، بل تأُخذ صورة بعضها أخذاً محكماً بالغاً حد الإتقان ليس وراءه مزيد لمستزيد.
أن الدويبات والنباتات متكافلة بعضها لبعض في الوقت. فالزهرة تفيد الذبابة برحاقها وبكونها تتخذها كناً لها والذبابة تفيد الزهرة بتلقيحها بما يخرج منها من الذرق وبما يعلق بأرجلها أو بأجنحتها من اللقاح. وإذا أراد الطائر أن يظفر بالدويبة فأنه لا يتجشم مشاق البحث والتفتيش عنها بل يذهب تواً إلى النباتات وهناك يسطو على طريدته فإذا أرادت أن تنجو منه تختفي