للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامساً ورد في الصفحة ٩ من تاريخ بغداد في زمن الخلفاء العباسيين تأليف الفاضل لسترانج ما نصه (إن المنصور ساح سياحات عديدة في نية أن يعثر على بقعة حسنة ليتخذها عاصمة جديدة لمملكته فأخذ يجول في ضفاف دجلة من جرجرايا إلى الموصل حتى بدا له محل واقع بقرب بارما الكائنة وراء تخوم الموصل حيث يخرق دجلة جبل حمرين ولكن لم يطب ذلك الموضع للخليفة لأنه كان قاحلاً جداً وعليه قفل راجعاً إلى أنحاء بغداد فرأى هناك قرية للفرس على ضفاف دجلة فيها بضعة أديرة يقطنها جماعة من الرهبان واغلبهم من النساطرة فاستخبر منهم عن حال القطر فعرفوه أنه يفوق سائر أقطار العراق باعتدال مناخه وجودة هوائه وعذوبة مائه وحسن مناظره الطبيعية التي تشرح

الخاطر وتبهج الناظر فضلاً عن طيب لياليه الباردة حتى في أشد حرارة القيظ وخلوه من مستنقعات تكون مباءة للبعوض ومنبتاً لجراثيم الوباء) فحملته هذه الأقوال على أن يلقي عصا ترحاله في ذلك الإقليم السليم ويصمم على بناء مدينة جديدة تكون عاصمة لبين النهرين وذلك في عام ١٤٥هـ - ٧٦٢م.

فمن هنا يظهر بأجلى بيان أن بغداد مدينة قديمة وقد بنيت الحديثة بجنب تلك أن لم تكن على أنقاضها فلينصفنا المطالع الكريم، إذا لم يرق في عينه شاهدنا هذا القويم، وفوق ذي كل علمٍ عليم.

٤ - الزوراء

لم تسم بغداد على ما أظن بالزورآء لأن الأبواب الداخلة كانت مزورة عن الأبواب الخارجة ولا لانحراف محرابها عن القبلة ولا على ما قال ياقوت في المشترك لأن الزورآء أسم لدجلة ببغداد وسميت بذلك لميلها وانحرافها بل السبب الأصلي عندي هو لأن يوم تأسيسها كان موافقاً لطالع القوس كما أنبأتنا به بعض التواريخ. وللزوراء جملة معان في العربية منها القوس والقدح الخ. بل ربما سميت بذلك لأنها بنيت مدورة كالقدح وكان قصر الخليفة في وسطها كإناء من فضة على

<<  <  ج: ص:  >  >>