للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقلها بالعلم، وفي تقوية جسمها بالغذاء، وفي حفظ صحتها بالعلاج، وفي حفظ نسلها بالرعاية، وفي تخفيف ويلاتها بالاهتمام، أم هم يعتبرون المرأة العربية المسلمة في الجزائر قطعة من المرأة الفرنسية في أوروبا؟

المرأة الجزائرية تنتحب، والحكومة الجزائرية تريد لها أن تنتخب ... والفرق بسيط، ما دام الفارق نقطة ... وقاتل الله هذه الخاء، فما أعسرها في المخرج. وما أسعد من لا ينطق بالخاء ... وصدق المثل: عسى الغويرُ أيؤسا ...

وإذا كانت نظرةُ الإسلام إلى القضية هي هذه، فهي من الدين الذي يجب فصل الحكومة عنه.

...

والقضاء الإسلامي أيضًا من الدين، فما لهم يجهلون؟ ... فقد أثيرت في هذه الدورة للمجلس الجزائري قضية القضاء الإسلامي، نزل بها الوحي المفاجئ، مستورة بجلباب شفاف، وهو كلمة الإصلاح التي عنونوها بها، وتلهّى المجلس أسبوعًا أو يزيد، ووع النقاش في حواشيها وفي صميمها، واختلف الرأي واشتدّ الجدال، وافترق المجلس فيها معسكرين، يحرّك كل واحد منهما الدالان وقالت النظارة: إن الأمر جد، وإذا بالوحي ينزل مرّة أخرى بالنسخ أو بالفسخ، والنسخ قبل إمكان العمل جائز عند الأصوليين، قائم الشواهد من الواقع، وإذا القضية كأنها تدريب على لعبة لا بحث في قضية جدّية.

وقبل هذا الوحي كان إرهاص ... فقد أُثيرت قبل هذه القضية بأسابيع قضية أخرى من سلالتها، أو تشير إليها، أو تدل عليها، أو تنذر بها، أو كأنها مقدّمة لكتاب، أو طليعة لكتيبة، أو ما شئت أن تجيل فيه فكرك! تلك القضية هي: الاكتفاء بشاهدين في عقود الأنكحة الإسلامية، وعدم اشتراط التسجيل عند القاضي ... وقد شغل بها المجلس وزجّى بها الفراغ أيامًا، ثم بردت الحرارة ونامت التقارير، وكانت كلها شقشقة هدرت ثم قرّت!

إن للحكومة- بلا ريب- نية مبيّتة في إلغاء القضاء الإسلامي بالتدريج، فهي تمهّد الأسباب لذلك وتهيّئ من زمان بعيد، ولكنها لا تريد أن يجيء ذلك الإلغاء مباشرة، ولا أن تُقدِم عليه في دفعة واحدة، وإنما تعمل له بالحيلة والمطاولة حتى يتم وكأنه أمر طبيعي، لا يثير لغطًا ولا يحدث تشويشًا.

نلمح هذه الحقيقة في ظل الأعمال التي تأتيها الحكومة باسم التنظيم للقضاء الإسلامي، وفي ظل الأقوال التي تقولها فيه، ونفهم أن تعقيد الإجراءات القضائية وتكثير اللوائح

<<  <  ج: ص:  >  >>