للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما بعد، فإننا قدّمنا في الأسبوع الماضي إلى الوالي العام، وإلى رئيس المجلس الجزائري، وإلى جميع أعضائه، مذكرة بطلب تنجيز فصل الدين الإسلامي عن الحكومة الجزائرية، وببيان رأينا في كيفية الفصل، لم نحدْ فيها عن آرائنا القديمة، ولم نزد إلا ما جدّ في القضية من حكم البرلمان الفرنسي في المادة السادسة والخمسين من القانون الأساسي للجزائر، وهو التصريح بأن الفصل مضمون، أسوة بالدينين المسيحي والموسوي، وأن النظر في التنفيذ موكول إلى المجلس الجزائري.

وقد نشرنا المذكرة في العالم وصحفه ليرى مُبصر ويسمع واع، وسئمت الأمّة القلقة من هذا التباطؤ المقصود من الحكومة، وقرأ المذكّرة من وصلت إليه، فعرضت علينا تأييدها لنا في طلب التنفيذ، فقلنا لها: إنك أبطأت عن الخير، كما أبطأت الحكومة في التنفيذ، فانهالت برقيات الاستنجاز على الوالي العام، وعلى رئيس المجلس، وعلى أعضائه من دوائر انتخابهم، حتى التجأ الرئيس إلى نوع من الكياسة، فأصدر بلاغًا أذاعه الراديو ونشرته الصحف، وحدّد فيه عرض القضية في الفترة الجامعة بين سنتي ١٩٥٠ - ١٩٥١.

إننا لا نرى رأي الرئيس في أن القضية متشعبة متعصبة، بل نراها في غاية البساطة والسهولة، وما شعّبها وصعّبها وعقّدها إلا نظرُها بالمنظار الاستعماري، ومن نظرها بغير هذا المنظار، وتبيّن وجه الحق فيها، تسهّلت له ولانت وانحلت من تلقاء نفسها.

إن الدِّين- يا حضرة الرئيس- كالدَّيْن، قاعدته: "مطلُ الغني ظُلم"!

...

وهناك نقطة كانت تتعلّل بها الحكومة، وتعدّها من معاذيرها، وطالما سمعناها من المسؤولين من رجال الحكومة، وهي أننا مختلفون، وأنها إذا أرْضت طائفة منا أغضبت طائفة، وإرضاؤنا جميعًا من المحال.

أما نحن فقد آذناها مرارًا بأننا لا نريد أن نحتكر هذه القضية لأنفسنا، لا في المطالبة، ولا في الرأي، ولا في التصرف، وإنما نطالب بإرجاع حق المسلمين إلى المسلمين، وأما غيرنا فنعتقد أن الحكومة هي التي تحرّكهم للخلاف وتشير عليهم به، لا نقول هذا رجمًا بالغيب وتجنّيًا على الحكومة، بل لنا عليه شواهد حسّية في الجمعيات الدينية وغيرها.

ولقطع هذه التعلات والمعاذير، قدّمنا للحكومة اقتراحًا ملحقًا بالمذكّرة يتضمن جريدة بأسماء الأشخاص الذين يتألف منهم المجلس الإسلامي المؤقّت، يمثّلون طبقات الأمّة، ولم نراع فيها إلا الحظ الكافي من الثقافة العامة والشعور بالمسؤولية الدينية، وأنهم غير

<<  <  ج: ص:  >  >>