للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما في هذه السنة فقد غمر النشاط المدرّسين والتلامذة، وبدأت الحركة مملوءة بالحياة والنشاط، وسرَت العدوى من القدماء إلى الجدد. وأصبح النشاط والنظام سمةً ثابتة للمعهد، يؤخذ بها كل من اتصل به، وكان الإقبالُ عظيمًا مع تضييق الإدارة في شروط الالتحاق، فتلقّت لجنة القبول ثمانمائة طلب في شهر سبتمبر وحده. وامتازت هذه السنة الثانية بالميزات الآتية:

١ - زيادة عدد المقبولين بضعف ما كانوا في السنة الماضية، إذ بلغ عددهم ستمائة تلميذ.

٢ - إنشاء السنة الرابعة التي يحصل التلميذ في نهايتها على الشهادة الأهلية.

٣ - زيادة ثلاثة مدرّسين أكفياء، وهم المشايخ عبد القادر الياجوري، وعبد اللطيف القنطري، وعبد الرحمن شيبان. والثلاثة محرزون لشهادة التحصيل من الكلية الزيتونية. وما زال المعهد في حاجة إلى ثلاثة آخرين.

٤ - تحسين برنامج الرياضيات وعلوم الحياة بإسناد تعليمها إلى مدرّسين أكفياء مثقفين بالثقافتين.

٥ - تحسينات واسعة ذات أثر في النظامين الداخلي والدراسي.

٦ - تشديد المراقبة على التلاميذ في الناحية الأخلاقية، ولا نبالغ إذا قلنا: إن التربية الفاضلة هي الغرّة اللائحة في جبين المعهد الباديسي، وهي الميزة التي يمتاز بها على

جميع معاهدنا من أعلاها إلى أدناها، ولو تكاملت وسائلها- ومنها توحيد السكنى- لأخرج المعهدُ في بضع سنين للأمّة الجزائرية جيلًا مسلّحًا بالفضائل، زعيمًا بإحياء

الدين والدنيا، ولقدَّم لجامع الزيتونة نموذجًا من خرّيجي السنة الرابعة يجمع بين حياة الفكر ومتانة الخلق.

٧ - اشتراء ثلاث بنايات حبسًا على المعهد، اثنتين منها لسكنى المشايخ المتأهّلين، وواحدة لسكنى الطلبة، وهي تسع مائة وستين طالبًا. وقد بلغت قيمة جميعهن شراءً وإصلاحًا أحد عشر مليونًا من الفرنكات.

...

هذه الميزات هي الخطوات الواسعة التي تقدّم بها المعهد إلى الأمام في هذه السنة، وهي خطوات جريئة حازمة، لا يقوم بها إلا جريء حازم مثل جمعية العلماء، ولولا ثقة الأمّة بجمعية العلماء، وثقة جمعية العلماء بنفسها وبأمانتها، ما أقدمت على هذه العظائم، في مثل هذه الظروف العصيبة. وما أقدمها على هذه المخاطر إلا أمر خطير، وهو إسكان الطلبة، فقد

<<  <  ج: ص:  >  >>