للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السبب يرجع إلى عدة عناصر: منها إخلاص القائمين عليه من رئيس ومرؤوس، وجدّهم وثباتهم، ومنها إيمان الباذلين للمال بالعلم، وإنه المنقذ الوحيد للأمّة، ومنها كون التعليم الابتدائي بلغ حدّه، وأصبحت مدارسه تُخرج العشرات من تلامذة السنة الخامسة، فيجدون أنفسهم- بعدما ذاقوا لذة العلم- محرومين من مواصلة التعليم، فوجدوا في المعهد شفاء من ألم الحرمان.

وسبب آخر نفساني، وهو قوّة المقاومة من عناصر الإصلاح لعناصر الإفساد، ومن قوى الخير لقوى الشر، فنشأ من ذلك مزيج من التأثر والتأثير، كان خيرًا وبركة على المعهد، وكان بعض السبب في هذا النمو السريع.

ظهر نجاح المعهد في الناحية المعنوية، فقد استولى على الأمد الأقصى من السمعة الصالحة، في الأوساط الصالحة من الأمّة، وأصبحت تنظر إليه نظر الإعجاب والتقدير، وتُعلّق عليه الآمال الكبار.

وظهر نجاحه في نتائج التعليم، فقد أتى في هذه السنة بالعجب العجاب، وكانت النتائج فوق المستوى العادي، في جميع السنوات، بل كان النجاح منقطع النظير في السنة الثانية، والسر في هذا النجاح هو أن شياطين الوسوسة صُفّدت في هذه السنة، وانقطع ما كانوا يزّينونه للطلبة ويروِّضونهم عليه من تلهية بالباطل، وتدلية بالغرور، ففاء الطلبة إلى الرشد، وأقبلوا على العلم، وباء الشياطين بالخزي والخذلان.

وظهر نجاحه في صحة التوجيه العقلي والفكري والخلقي لتلاميذه، فقد رأيناهم يأتون متأثّرين بأفكار ونزعات شتّى، فلا تمضي عليهم الأشهر الثلاثة الأولى حتى تلين مقادتهم للعلم، ويصبحوا منسجمين في الاتجاه، متقاربين في الأخلاق، معرضين عن اللغو، إلا النادر الذي لا حكم له.

وظهر نجاحه في الإدارة، فقد كانت مثالًا عاليًا في الضبط والحزم والنظام.

...

يعنى المعهد بالرياضيات والطبيعيات، ويجعل منها ذريعة إلى مقاصد سامية، كان التلميذ العربي محرومًا منها، لأن المعاهد العربية خالية منها، وقد قام المعهد في هذه السنة بتجربة موفّقة بلغت الغاية من النجاح، إذ تطوّع الدكتور عبد القادر بن شريف بإلقاء دروس في حفظ الصحة على تلامذة المعهد، مستعينًا بأشرطة سينمائية، فلقيتْ من الطلبة إقبالًا يفوق الحدّ، وتطوّع الصيدلي الأستاذ علاوة عباس بإلقاء دروس أسبوعية في علم وظائف الأعضاء

<<  <  ج: ص:  >  >>