للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجدت بعد ذلك العذاب الواصب فئةً منها، يلبسون جلدتها، وبتسمون بأسمائها، ويتكلمون بلغتها، يدعونها إلى جهنم!! ... فمنهم الذي يزين لها الشرّ، ومنهم الذي يقبحُ لها الخير! ... فيهم من يهدِّئها، وليس فيهم من يهديها! كلهم ينوّمها، وليس فيهم من يقوّمها!

وها هي ذي تعبِّد العقاب (٢)، وتمهد الصعاب، وتبني لنفسها، وبيدها، وبمالها، على إلهام الخير من ربها، واستلهام الحق من كتابه وسنة نبيه، هذه المدارس التي تنشر «البصائر» في هذا العدد صورَ بعضها لتنشط العاملين، وتغيظ الخاذلين، وتوسع الأمل في نفوس الآملين.

وهذه المدارس التي أربتْ على المائة بالعشرات كلها من آثار جمعية العلماء ومن ثمرات إرشادها وإعدادها للأمة؛ وستسفر هذه الحركة المباركة- إن شاء الله- في بضع سنين أخرى عن مئات من المدارس؛ لأن هذه الرغبة المتأججة في صدور الصالحين من الأمة لا يطفئها تعنت الظالمين، ولا وسوسةُ الدجالين، ولا كيدُ المفسدين.

وإن من لئيم المكر أنْ يحاول بعض الأشرار، المسخرين من الاستعمار، لحرب هذه الحركة، التسلط على بعض هذه المدارس باسم التعليم وهم لا يحسنونه، وباسم النظام وهم لا يتقنونه، وهم يسرّون في أنفسهم التوصّل بتسييرها إلى تدميرها، وبفتحها إلى إغلاقها، وقد فضح الله كيدهم في واحدة أو اثنتين وضعوا أيديهم عليها فعمروها ولكن بالتخريب، وكانوا في ذلك كمسيلمة الكذاب، تفل في بئر حلوة فأصبح ماؤها أجاجًا! ...

...

أما دعائم هذا البناء التي تمسكه أن يزول، وتصونه أن يختل أو يحول، فهم أشبال الغاب، وحماة الثغور، عمار المدارس، وسقاة المغارس، مربو الجيل وأئمته، أبناؤنا المعلمون المستحقون لأجر الجهاد، وشكر العباد، الصابرون على عنت الزمان، وجحود الإنسان، وكلب السلطان، المقدمون على كثرة الخوّان، وقلة الأعوان، جيش الحق، وحاصة (٣) الشق، وألسنة الصدق.

أي طلائعَ الزحوف، وأئمة الصفوف، سلام عليكم بما صبرتم، وتحيات من الله مباركات طيبات بما آويتم لغة الضاد ونصرتم، وثناء عليكم يأرج كالمسك من والد برٍّ بكم، شفيق عليكم، نصحه لكم هدى، وروحه وجوارحه لكم فدى ...


٢) العقاب جمع عقبة.
٣) جمع حائص، وحاص الثوب خاطه وجمع أطرافه بالخيط.

<<  <  ج: ص:  >  >>