للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوعظ إلى النفوس، لكثرة المران والتجربة، ومنهم حديثو العهد بالحياة العملية وبالمجتمعات، وإلى هذا الفريق من رجالنا مهّدنا بالكلمة السابقة.

وعليهم أن يمكّنوا- ما استطاعوا- في نفوس السامعين معاني الشرف والرجولة، وشرف النفس والاعتزاز بالإسلام والعروبة، فإن الإسلام جاء لجميع ذلك، وإن سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دائرة على ذلك، فالإسلام دين العزّة والكرامة والشرف والفضيلة، فمن لم يكن بهذه الصفات فإسلامه ناقص بقدر نقصانه فيها، وإن صلّى وصام وحجّ البيت ماشيًا.

وعليهم أن يشرحوا للأمة "مظلمة القرن العشرين"، وهي هذه المعاملة المهينة التي تعامل بها الحكومة دين الإسلام ومعابده وأوقافه وشعائره من حج وصوم، وإن أحقّ محلّ بهذه الدروس المباركة- وما فيها من خير ورحمة وسلام- هي بيوت الله، لولا ظلم الاستعمار.

ولينوّهوا بالمواقف التي وقفتها جمعية العلماء في هذه القضية، وعليهم أن يوجّهوا عنايتهم إلى علاج الأمراض المتأصلة في الأمّة، ومحاربة المنكرات الفاشية فيها، كالكذب، والغيبة والنميمة والسعاية بالأخ والتجسّس عليه، وكالسرقة والخمر والميسر، وكالأيمان الفاجرة وشهادة الزور، ويمين الطلاق، وكالقطيعة والخصام والخلاف، وكالركون إلى الكسل والبطالة والسؤال مع القدرة على الكسب، وكنقض العهد وخلف الوعد وخيانة الأمانة والبخل والإسراف في غير محلّه، وكانتهاك الحرمات والاستخفاف بالمحرّمات، والجبن والخوف من غير الله.

وعليهم أن يجتنبوا الحديث في مثارات الفتن، وفي البدع التي فرغتْ جمعية العلماء منها، فقد ضعف شأنها، وفي إعادة الحديث عليها تقوية لها وإحياء.

فهذه عهود أتقدّم بها إلى نفسي وإلى إخواني وأبنائي المشايخ الوعّاظ، فعلينا جميعًا أن نلتزمها في هذا الشهر المبارك الذي التزمنا أن ننفع فيه أمّتنا بالموعظة الحسنة.

وعلى السامعين أن يكون همّهم من حضور مجالس الوعظ نصيحةً تزكِّي النفس، أو فائدةً علمية تكملها، لا قطع الوقت و "تقصير الليل". وأن يقبلوا على هذه المجالس بآذان مصغية، وقلوب واعية، ونيّات خالصة، ومقاصد صالحة، فبذلك ينفعهم الله بما يسمعون ... وأن يفرّقوا بين هذه المجالس التي أنعم الله بها عليهم، وبين المجالس التي يزيّنها لهم الشيطان ليقطعوا الليل بها في سمر صاخب، ولهو ماجن، ومال ضائع، وحرمات منتهكة.

وفّقنا الله جميعًا إلى ما يقرّبنا إليه، وجنّبنا ما يبعدنا عنه، وأرانا ما يسرنا في هذه الأمة، ويسّرنا جميعًا لخدمة هذا الوطن وإخراجه من الظلمات إلى النور.

<<  <  ج: ص:  >  >>