للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلة وضْعٌ منحرف لمكان الزوجة من زوجها، حتى أصبح متخلخلًا متزلزلًا لا استقرار له، وما جاء هذا التخلخل إلا من سوء فهم من الرجل، انبنى عليه سوء تصرّف منه في الحق الذي خوّله الشارع، وهو أنه يملك العصمة، وما جاء سوء الفهم إلا من سوء التفهيم من الفقيه، فالفقيه لا يعرفُ إلا أن العصمة بيد الزوج، لأنه لا يجد في كتب الفقه إلا هذا، وهو حق في أصل الشريعة، ولكن الإسلام لا يُعطي هذه الحقوق أو هذه الامتيازات إلا للمسلم الصحيح الإسلام، القويّ الإيمان. فهو يكل إليه عهدًا ويستحفظه على أمانة، اعتمادًا على رشده، وثقة بإيمانه، أما إعطاء هذه الامتيازات إلى الجاهلين المتحلّلين من قيود الإسلام فهو لا يقلّ شناعة وسوء أثر عن إعطاء السلاح للمجانين.

...

يخرج الرجل إلى السوق، أو يجلس في المقهى، ويختلف مع آخر في شأن جليل أو حقير فيحلف أحدهما أو كلاهما بالطلاق حانثًا فتكون النتيجة خراب بيت، وتمزيق أسرة، وتشريد بنين.

ويتناقش آخر مع صهره في زيارة أو استزارة فيحلف أحدهما أو كلاهما بالطلاق، وتكون النتيجة تقطيع أرحام، وتكوين فتنة.

ويتنازع اثنان الحديث في السياسة أو التفضيل بين شخصين أو في الغيم والصحو، فتجري ألفاظ الطلاق متناثرة متعددة، كأنها لازمةُ الحديث، وكأن الكثير منهم لم يتزوّج إلا ليجعل الزوجة أداة يمين، أو ليصدقه الناس حين يحلف لعلمهم أنه متزوّج.

وكثيرًا ما تطلق الزوجة بهذه الأيمان والالتزامات العابثة، وهي لا تعلم من ذلك شيئًا ولم تتسبّب فيه.

وكثيرًا ما تكون آمنة في بيتها سعيدة بزوجيتها، فتفاجأ بالطلاق من زوج أحمق مأفون، لخلاف شجر بينه وبين جار أو بائع أو مشتر على أتفه الأسباب.

أيها المسلمون: إن عقدة الزواج عقدة مؤكدة، يحافظ عليها الأحرار، ويتلاعب بها الفجّار، وإن العصمة امتياز لرجالكم، ما لم تطغوا فيه وتظلموا، فإذا طغيتم فيه وجُرتم عن القصد، كما هي حالتكم اليوم، انتزعه منكم القضاء الإسلامي العادل لو كان. فإذا لم يكن عاقبكم الله بعذاب الخزي.

ما هذه الفوضى وهذا الاضطراب إلا عقوبة من الله لكم، وغيرة منه على أحكامه أن تتولوها بالهوى المطاع، والجهل القالب للأوضاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>