للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأتباع والأشياع ... ارْمِ باسمك لتغطي به اسمي، وقل بلسانك ومن ورائه لساني، لأستدفع بك ما عسى أن يلحق من تهمة، أو يعلق من وصمة، فإني لم أضع للدين لجنة، وللهلال لجنة، وللحج لجنة، إلا لأمحو من أعمالي أثر الهجنة ... ولا تنسَ أن من نعمي عليك أنني أكتبُ وأنسب إليك ... وكفاك فخرًا أن وجودي هو وجودك: وكفاني نجاحًا أن كان "للوظيفة" لا لله سجودك، وكفاني ثقة بك أن صرّحت بأن "مصلحتك هي مصلحتي". وحسبنا جميعًا أننا روحان في جسد، وشعرتان في حبل من مسد، وأننا دنَّا- على شيوع الإلحاد- بمذهب الحلول والاتحاد".

هذا ما يقوله لسان الحكومة لصنائعها من أمثال العاصمي، حين تريدهم على تنفيذ رغائبها الاستعمارية، وإن لها في كل ما ترمينا به هذين النوعين من الأسلحة: سلاح القانون، وهو تحت يدها، وهذا النوع المسترذل من السلاح البشري، وهو تحت رجلها ... ولكنها تسكت ما تسكت لحكمة استعمارية ثم تعود ... كما عادت لعترها لميس.

...

عادت لعترها (لميسنا) في الصيف الماضي- وقد ماتت تلك العوائد السيئة (عادة الزرد) (١) التي تُنتهك فيها الحرمات، وتستحل المحرمات- فأوعزت إلى صنائعها أن يحيوها، ويسّرت لهم كل ما عسرته الأزمة المالية الخانقة، وأحضرت لهم كل ما غيّبته سنو الحرب الماحقة، وإذا بعاصمي الزرد و "الوعائد" (٢)، ومحيي معالم البدع والعوائد، يدعو إلى وعدة "عابد"، ويقيمها بسيئاتها وموبقاتها وفواحشها، على أسوإ ما كانت تقع عليه من المنكرات التي لا يسيغها عقل ولا دين ولا مروءة، وإذا بآخر في وهران، يدعو إلى زردة أخرى من زرد الشيطان. وإذا بآخرين في غيرها يدعون إلى غيرها، ولم يكتفِ هذا التنشيط الداخلي لهذه الزرد التي صاحبها يفتقر، وآدِبها ينتقر؛ فدعت الجَفَلَى إلى الزردة الكتانية (٣) التي صاحبها "يْزَرَّدْ ويزيد".

للحكومة في كل مذهب تذهبه عاصمي وإن لم تسمِّه مفتيًا حنفيًّا. وكل هؤلاء عاصمي في حرفته، "سودته" عبوديته، ولو ساعده الوزن لقلب المثل وقال نفس عاصمي سوّدت عاصميًّا ... وكلهم لا يعرفون معنى للعيب، إذا امتلأ الجيب، ولا يأبه للعار، وان دخل النار، ولا كعاصمي الزرد مشعوذًا يأكل الدنيا بالدين، ويضل عن سبيل المهتدين؛ وجلّ


١) عادة الزّرد: جمع "زَرْدَة" وهي التجمّع الذي يُقيمُه الطرقيون، والمقصود به مآدب الأكل.
٢) الوعائد: جمع "وَعْدَة" وهي كالزَّرْدَة.
٣) نسبة لعبد الحي الكتاني، قد كان يقيم زردة سنوية، وتتولى فرنسا دعوة أتباعها وعبيدها من أطراف الجزائر.

<<  <  ج: ص:  >  >>