للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن يهاجر أبناؤكم إلى الجزائر، للتخصص في فن التعذيب على أساتذته.

نعم، نعم- ولا نُنكر الفضل- إن حرية الرذيلة من آفات زمنكم، وهي موجودة على أكمل وجه وأتمّ حال في الجزائر.

...

ويحكم! إنكم لسائرون بهذه القوافل إلى الدمار، وإن حاديكم إليه هو الاستعمار، فعاملوه بالقطيعة تتواصلوا، واقضوا عليه قبل أن يَقضي عليكم.

ويحكم! إن هذا العارض الذي تسمّونه الاستعمار ليس ذاتيًّا في زمنكم، ولا هو من طبيعته، فإن تركتموه حتى يُلبس العصر الجديد لبوسه كان عونًا عليكم، إن الزمان لا تؤمن غوائله وتقلباته، أم أنتم في أمان من الزمان؟! ...

ويحكم! إن هذا الاستعمار الذي تؤيدونه، وهذه الديمقراطية التي تنوون إقرارها في العالم، أو إقرار العالم عليها، ضدان لا يجتمعان، فلماذا تغشّون أنفسكم، وتغشون العالم، وتكذبون على الحق؟

ويحكم! أحيوا العدل وانشروه، وأميتوا الاستعمار واقبروه، تكن الأمم كلها معكم بقلوبها، وعقولها، وأبدانها، وأموالها، وتأمنوا البوائق التي تخشون انفجارها، فإن لم تفعلوا فأيقنوا أن كل ما تنفقونه من جهد ووقت ومال في تمكين الاستعمار ضائع، ولا الحمد مكسوبًا، ولا المال باقيًا، ثم ما يزال بكم هذا الغول الذي تربّونه وتحتضنونه حتى يرديكم في هاوية.

...

أفكلّما رثّ حبل الاستعمار، وتصدّع جداره، وأشرف على الفناء في حربين ماضيتين، جاءت أميركا حاضنة الديمقراطية، تكفكف دموعه وتنظّم جموعه، وترمّم جداره، وتعمر بالدولار داره؟

إن الأمم الضعيفة قد لُدغت من جحر واحد مرّتين، فاحذروا الثالثة، وقد أصبحت هذه الأمم تلقّب أميركا بلقب لا يشرّفها، وهو أنها (نصيرة الاستعمار).

الاستعمار عمل أوّله ختل، وآخره قتل، وشر لا بقاء عليه، ثم لا بقاء له، ووحش مروّض آخر صرعاه رائضه؛ ومرض آكل يأتي على المكاسب، ويثني بالمواهب، ومخلوق

<<  <  ج: ص:  >  >>