للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمائم للتعويذ من العين، أو معاذير عما يرتكب من العار والشين، ونحن نعلم من سرّ ذلك وحكمته وآرابه المخبوءة ما إن أهونه تضرية المسلم على قتل أخيه، وما لهم- خيّبهم الله- يُشركون أدنياءنا في الظلم، ولا يشركون أعلياءنا في الحكم؟

ورجعنا إلى الشعر نستلهمه العزاء والسلوى، وننتزع منه الشواهد والأمثال، فذكرنا قول الأول:

وما من يد إلا يد الله فوقها ... وما ظالم إلا سيُبلى بظالم

وقول الآخر:

أين عاد؟ أين فرعون؟ ومن ... ملك الأرض وولّى وعزلْ

وقول الأخير في نصوص هذه الشريعة:

قتل امرئى في غابة ... جريمة لا تغتفر

وقتل شعب كامل ... مسألة فيها نظر

وقول الآخر يخاطب عيسى:

خلطوا صليبك والخناجر والمُدى ... كلٌّ أداة للأذى وحِمامُ

...

لك الله، أيها الشعب المعذّب، لقد هُنت عليهم حين هُنت على نفسك إنهم ما ضربوك إلا بعد أن جربوك، وما جرفوك إلا بعد أن عرفوك، وما جنوا عليك واتهموك إلا بعد أن قرأوك وفهموك، فلا تلمهم، ونفسك فلم، وغيِّرْ ما بنفسك وهلمّ ...

أعنتهم في إفساد دينك وأخلاقك فارتفعوا وانحدرت، وأعنتهم على إفساد دنياك فاستغنوا وافتقرت، واجتمعوا وافترقت، وانتظموا وانتثرت، وجرّوك بمغوياتهم ومغرياتهم فانجررت، فإذا كان القوم قد أمنوا بوادرك فلأنك عوّدتهم ذلك من نفسك، وإذا كانوا قد أمنوا مكر الله، فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون.

إن القوم لا يدينون إلا بالقوة، فاطلبها بأسبابها، وأْتِها من أبوابها، وأقوى أسبابها العلم، وأوسع أبوابها العمل، فخذهما بقوّة تعش حميدًا، وتمت شهيدًا.

بالأمس كانوا يعتمدون عليك ليحيوا، واليوم هم يأتمرون بك ليقتلوك، وما شر من الأولى إلا الثانية، فهل في وسعك الخلاص من الاثنتين؟

***

<<  <  ج: ص:  >  >>